الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي تحرض أمي على زوجتي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا شاب متزوج منذ سنة، أحب زوجتي، وزوجتي تحبني، لكن حصل خلاف بين أمي وأختي وبينها منذ فترة، وأختي الكبيرة هي من حرضت أمي ليزداد الأمر سوءًا، وزوجتي حينها لم تحتمل لما سمعت من كلام من أختي على أهلها وتربيتها، وطلبت الانفصال، ولكن بفضل الله تجاوزت هذه المرحلة بعقلانية، رغم تدخل أمي وكلامها على زوجتي ودفاعها عن أختي، رغم أن أختي أخطأت وتدخلت في حياتنا الخاصة وملابس وتصرفات زوجتي، علماً أني أعيش بعيدًا عنهم في بلد آخر.

طلبت من أختي ألَّا تُدخل أمي في أمور كهذه بسبب أن أمي مريضة، في البداية توقفت عن ذلك، لكن بعد أن انقطعت العلاقة بين زوجتي وأختي، وأصبحت علاقة سطحية -رغم أن زوجتي ترسل لها وتتحدث لها- ما زالت أختي إلى الآن تحرض أمي، وأمي دائمًا تقول لي: سوف أزوجك مرة أخرى، وأنا أبتسم وأسكت كيلا أزعجها، لكن أمي وأختي تخطئان في حق زوجتي، ولا أريد أن تعود المشاكل، ورغم أن أختي متدينة جدًّا إلَّا أني لا أعرف ماذا حدث لها! فماذا أفعل مع أختي وأمي وزوجتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم والابن الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُؤلِّف القلوب، وأن يُصلح الأحوال.

سعدنا جدًّا بحُسن تصرُّفك، نسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذا الوضع، وهذه حالات معروفة (الغيرة بين النساء) ولذلك أرجو أن تُحسن إلى الزوجة فتُؤدّي حقها، وتُحسن إلى الوالدة ولا تُقصِّرْ في حق الأخت. إقامة هذا التوازن هو المطلوب شرعًا، فلا تُطلِّق زوجتك ولا تُؤذها من أجل أهلك، وتفهّم ما عند أختك ووالدتك من الغيرة من هذه الزوجة.

وقد سعدنا جدًّا لأنك تُحسن الاستماع لكلام الوالدة وتبتسم، وتُوصِلْ لها ما يُرضيها، وأرجو أن تكتم هذه الكلمات وهذا الذي يحدث عن زوجتك، فالإنسان ينبغي أن ينقل الخير فقط، وينقل المشاعر النبيلة، يقول خيرًا أو يُنمي خيرًا، وهكذا المؤمن. فإذا سمعت من زوجتك كلامًا جميلاً في حق والدتك وأختك فانقله إليهما، وإذا سمعت من الأخت أو من الوالدة كلامًا جميلاً في حق زوجتك فانقله إلى الزوجة. أمَّا غيرُ ذلك من الكلام فينبغي أن يُدفن في مكانه، وأن يكون في طي النسيان.

ولا تحاول أن تُدافع عن زوجتك أو تُبالغ في إكرامها أمامهم؛ فإن هذا يزيد الغيرة، وثواب زوجتك عند الله عظيم، ولذلك أرجو أن ترفع من معنوياتها، وتُؤكّد لها أنك تتفهّم الوضع الذي يحدث، واطلب منها أيضًا أن تكون على الخير دائمًا، وأن تحمل المشاعر النبيلة، وأن تُقدّر مكان الوالدة وعُمرها، ونسأل الله أن يُصلح الأحوال.

إذًا حكمة الرجل هي بعد توفيق الله، والعامل الأساس في إدارة مثل هذه الأمور. وإذا طلبت منك الوالدة أن تُطلِّق الزوجة فليس لك أن تُطلِّقها، (إنما الطاعة في المعروف)، طالما كانت الزوجة - ولله الحمد - طيِّبة وأنت معها مُنسجمٌ، وهي أيضًا - ولله الحمد - بعيدة عنهم، هذا كلُّه ممَّا يُخفف الإشكالات.

ونتمنّى أيضًا أن تنجح في إقناع هذه الأخت (أختك) وتذكيرها بالله تبارك وتعالى، واعلم أن قواعد الاشتباك بين النساء مختلفة، فلا تدخل بعمقٍ بينهنَّ، واعلم أن كل امرأة لمَّا تُخرج ما عندها وتُناقش الأخرى فإنها تُفرِّغ هذه الشُّحنات، ولكن عليك بالتذكير بالله تبارك وتعالى، والنُّصح لكلِّ مَن يتجاوز الحدود الشرعية.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وأكرِّرُ دعوتي لك بإكرام هذه الزوجة ورفع معنوياتها، وإشعارها بأنك تعرف وتُقدّر ما يحصل معها، مع المحافظة الغالية والعالية على برِّ الأُمّ وحُسن الاستماع إليها وتطييب خاطرها، والاستمرار في نُصح هذه الأخت وتذكيرها بالله، ونسأل الله أن يُصلح لنا ولكم الأحوال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً