الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلبت من صديقي حذف الأغاني التي أرسلتها فرفض!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا طالب في الصف الثالث الثانوي، منذ فترة قصيرة طلب مني أحد أصدقائي أن أرسل له بعض الأغاني على هاتفه، فرفضت ذلك أولًا، ولكن بعد كثرة إلحاحه أرسلت له بعض الأغاني، وأنا الآن نادم جدًا بسبب فعلي هذا، لأنه بعد موت الإنسان سيأخذ إثم هذه الذنوب، ولقد أخبرت صديقي بحذفها فرفض، فهل هذه الذنوب تغفر أم لا؟

وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك - أيها الولد المبارك - في موقع إسلام ويب، وردًّا على استشارتك نقول:

أولًا: أوصيك أن تتخير أصدقاءك بعناية فائقة؛ فإن للصديق أثراً عظيماً وبصمات كبيرة في الحياة سواء كانت إيجابية أو سلبية، فالرفيق الصالح بصماته صالحة، والرفيق السيئ بصماته سيئة.

يقول نبينا (ﷺ): (إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحِ والجَلِيسِ السّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِير، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) ويقول _ﷺ): (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) ويقال في المثل: الصاحب ساحب.

وقال الله تعالى في رفيق السوء: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} [الصافات: 51-57] ، فبين ربنا سبحانه أن رفقاء السوء يدعون إلى الإلحاد والكفر والمعاصي.

ثانيًا: نوصيك كذلك بالاجتهاد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك سيجعل حياتك طيبة، وسيجعلك منشرح الصدر، وسيكون ذلك سبباً في تيسير أمورك كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

ثالثًا: أكثر من تلاوة القرآن واستماعه؛ فذلك سيجلب لقلبك الطمأنينة كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

رابعًا: تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسل ربك ما تريد من خيري الدنيا والآخرة وأكثر من دعاء نبي الله يونس عليه السلام (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله (ﷺ) (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

خامسًا: نوصيك بالتوبة النصوح من كل الذنوب والمعاصي ومنها سماع الأغاني، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

سادسًا: بالنسبة لهذا الشاب: عليك أن تنصحه وتتبرأ مما أرسلته له من تلك الأغاني، وتوبتك ونصحك له يكفي - بإذن الله تعالى - ولن تحاسب بعد ذلك على تلك الأغاني التي أرسلتها له.

سابعًا: أدِّ الصلاة في أول وقتها، وأكثر من نوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن، واجعل لسانك رطبًا من ذكر الله تعالى.

ثامنًا: اجتهد في التحصيل العلمي، واجعل همتك عالية، واختر من التخصصات في الجامعة ما يجعلك متميزا في مجتمعك.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً