الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بغيرة شديدة لاهتمام زوجي بأخته الطفلة، فماذا أفعل؟!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أرجو منكم حلًا لمشكلتي، أنا متزوجة، وليس لدي أولاد، وأعيش مع زوجي وأخته التي تبلغ من العمر 6 سنوات في الغربة، وأشعر بالغيرة منها، وبألم نفسي شديد كلما رأيته يقبلها أو يدللها أو يضعها في حجره، وأحيانًا حين يشعر بألم في ظهره يطلب منها أن تمشي على ظهره -أراها كبيرة على هذه المعاملة-! صرت أتحاشى التواجد معهما في نفس الغرفة بسبب هذه المواقف، اللهم إلَّا في وقت الأكل، وأتصرف معهما ببرود وتكلف، لا أستطيع القيام بأي شيء حين يجتمعان في البيت، وأظل أترصد، وأتنصت للعبهما وحديثهما، حتى عندما أكون في غرفة أخرى، ولا أرتاح إلَّا عندما ينتهيان؛ ممَّا أتعبني نفسيًا!

مع العلم أني أشعر براحة في التعامل معهما على انفراد، عندما يكون أحدهما غائبًا عن المنزل، أو حين تنام أخته، أشعر حينها براحة وانشراح، لقد دخلت في دوامة من الاكتئاب والتفكير الشديد، وصرت أعاني من النحافة منذ أن انتقلت أخته للعيش معنا.

مشكلتي بدأت في أنه لم يكن يعيرني اهتمامًا، وهي كانت ملازمة له، ومع ذلك يتفقدها إن غابت عنه، أمَّا أنا فلا يسأل عني إن غبت وقتًا طويلًا، أو انشغلت بأعمال المنزل، ولم يكن يسعى لقضاء وقت خاص معي إلَّا حينما بدأت بالشكوى والتلميح والتصريح، لكن المشكلة الحقيقية هي أني لم أعد أرتاح في البيت حتى مع محاولته الاهتمام بي، وأصبحت في قلق وخوف دائم، ولم أستطع أن أحب أخته، أو أعاملها كأخت لي، فقد تعقدت بسببها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الحرص والاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يُسعدك، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

لا يخفى عليك أن هذه الشقيقة المذكورة لزوجك صغيرة جدًّا، وأرجو أن تعلمي أيضًا أن وجودها في حياتك أو اهتمام زوجك بها لا ينقصُ من حبّه لك، فالخانة التي يُوجد فيها الحب للشقيقة، تختلف عن الخانة أو المكانة التي هي للمرأة في قلب زوجها، فأنت في أرفع المنازل عنده من الناحية العاطفية؛ ولذلك أرجو أن تتعوذي بالله من شيطانٍ يريدُ أن يُشوش عليك، ويريدُ أن يُعكّر عليك، ونسأل الله أن يُسعدك مع هذا الزوج الذي يحاول أن يُرضيك، ويحاول أن يُسعدك.

ويُؤسفنا أنك تحاولين أن تبتعدي ولا تجدين طعمًا حتى لمحاولاته؛ ولذلك أرجو أن تتعوذي بالله من شيطانٍ يريد أن يُشوش عليك، ومعلوم أن الطفلة في هذه السن (ست سنوات) فعلاً بحاجة إلى المداعبة والمشاركة، وأن يكون معها.

وحقيقة نحن أيضًا لا نريد أن يكون ذلك على حسابك، فلا مانع من أن يُخصص لك الأوقات الغالبة عندما تنام الصغيرة، ويحفظ لك الخصوصية، هذه كلها مطالب شرعية، لكن لا نريد أن تتوتري كلما لعب معها، كلما ضحك معها، كلما جلس معها، لا تُعطي الشيطان مثل هذه الفرصة، بل اشتغلي بما يُرضي الله، وتشاغلي بمهام المنزل واهتمامك به.

وأيضًا أنتِ بادري زوجك بالاهتمام، وبادليه الحرص على الخير، واحرصي أيضًا على خدمة هذه البُنية الصغيرة التي سعدنا أنك تسعدين معها عندما تكون وحدها، وتسعدين معه عندما يكون وحده.

فالأمر يدلُّ على أن الشيطان يريد أن يُشوش عليك -ونسأل الله أن يُعينك على الخير-، ولذلك أرجو أن تعلمي أن الإحسان لهذه الطفلة الصغيرة ممَّا يُحسب لك في الدنيا والآخرة؛ ممَّا يجعل الزوج يهتمّ بك ويحتفي بك، وحُقَّ له أن يُكرمك على هذا الاحتفاء بشقيقته الصغيرة. واعلمي أن الإحسان والمعاملة الطيبة مع الصغار كذلك لا تنسى، وكل معاملة طيبة عاملتها بها ستتذكرها، وسترد لك جميلها عندما تكبر، عناية واهتمامًا بك وبصغارك، وما زلنا ونحن كبار نتذكر من أحسنوا إلينا في الصغر، وعاملونا معاملة طيبة، وكذلك لم ننس الكثير من إساءات من أساؤوا إلينا في الصغير، فانتبهي لذلك.

كما أرجو أيضًا أن تعذريه في بعض الذي يحدث من اللعب والسؤال عنها والاهتمام بها؛ لأنها صغيرة، وقد لا تقوم ببعض المهام وحدها، وعليه: أرجو أن تُقدري هذا الجانب، وأنت -ولله الحمد- لم تُقصّري.

لذلك أرجو أيضًا أن تكتمي هذا الذي يحدث حتى لا يشعر أنك منزعجة؛ لأن هذا يجلب له الضيق، ويجلب له الكدر، ونحن لا نعرف الظروف التي جاء بها لتكون معكم، ولكن على كل حال فإن وجودها أنس، وأرجو أن يكون في وجودها السعادة.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً