الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعالج نفسي بالرقية الشرعية ثم تعود الأعراض، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

عند قراءة سورة البقرة أشعر بوجع، وخوف، ورعشة في الجسم، وعند مراجعة الفتاوى وجدتكم تنصحون شخصاً بمراجعة راقٍ شرعي، وأنا لا أعرف أحداً، وأخاف الذهاب لأي شخص قد يكون دجالاً، هل يمكن ترشيح شيخ يرقي بالقرآن؟

علماً بأنه لدي سابق معاناة منذ سنوات، وعالجت نفسي بالقرآن بماء، والرقية، وأشعر بالراحة فترة، ثم تعود المعاناة والتعب، وأمراض جسدية، ومشاكل عائلية، وأشياء أخرى، وفي الإجابة التي راجعتها الشيخ كتب أنه لا بد نرجع لراق لنحل الموضوع، لئلا نستمر نعتمد على المسكنات!

أرجو الرد -بالله عليكم- والإفادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جهاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونحن نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه -أيتها الفاضلة- فإننا نحب أن نجيبك من خلال النقاط التالية:

أولاً: ليس شرطاً أن يتعامل المرء مع راقٍ، هذا الكلام غير صحيح، بل دائماً ما نكرر أن أفضل راق للإنسان هو نفسه، وإنما نوصي بالراقي لمن يجهل الرقية الشرعية، أو يضطرب ولا يحسن القراءة، أو عنده مشكلة تحول بينه وبين الرقية الشرعية، أما عدا ذلك فإن الأفضل أن يرقي المرء نفسه.

ثانياً: اعلمي -أيتها الفاضلة- أنه ما من أحد في الحياة إلا وهو مبتلى، من الناس من يبتلى بالمرض، ومنهم من يبتلى بالفقر، ومنهم من يتبلى بالوسوسة، وكلما عظم الابتلاء كلما علم العبد علو مكانته عند الله -عز وجل- فعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: قلت يا رسول الله: أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه الحديث، وفيه: حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. وفي لفظ آخر قال: الأنبياء، قال: ثم من؟ قال العلماء قال: ثم من؟ قال: الصالحون.

وعن فاطمة بنت اليمان أخت حذيفة قالت: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في نساء نعوده، فإذا بسقاء يقطر عليه من شدة الحمى، فقال: إن من أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".

ثم إن البلاء مهما كان صغيراً فإن صاحبه مأجور عند الله، فعن عبد الله بن عمر قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يوعك، فقلت يا رسول الله: إنك لتوعك وعكاً شديداً، قال أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم، قلت: ذلك أن لك أجرين، قال أجل ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها؛ إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها..".

ثالثاً: نريد أن نؤكد كذلك على حقيقة هامة، وهي أن الجن خلق ضعيف من مخلوقات الله، لكنه لا يقوى إلا على أهل الغفلة عن الله، فإذا ما كنت بالله متحصنة فلن يقدر عليك الجن ولا غيره.

لذا نوصيك -أختنا الفاضلة- بالرقية الشرعية، مع المداومة عليها لفترة، وستجدين في بدايتها مثلاً تلك الصعوبة، ولكن خاتمتها خير لك، وللعلم إننا نعلم بعض الأخوات كانت أشد منك في هذا الباب، لكنها داومت وحدها على الأذكار البسيطة، وبعد فترة نجاها الله عز وجل.

ولذلك ننصحك بما يلي:
1- الاستمرار على أذكار الصباح والمساء.
2- المحافظة على رقية نفسك.
3- المحافظة على الوضوء ما استطعت.
4- الحرص على قراءة سورة البقرة كل ليلة أو الاستماع إليها عند عدم المقدرة، مع نصيحتنا بأن يكون لك ورد ثابت من القرآن ولو صفحة واحدة يومياً، المهم عند القراءة اجتهدي أن يكون معك كتاب تفسير لفهم ما قرأت.
5- الرقية على الماء وصبها عليك؛ فهي نافعة -بإذن الله تعالى- فقد ذكر ابن القيم أثراً في ذلك، عن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم قال بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر -بإذن الله- تقرأ في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور.

والآيات هي قوله تعالى:
(فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين)، [يونس81 ].
وقوله: (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون)، [الأعراف 118 إلى 120].
وقوله: (إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى)، [طه69].

وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- حين سئل عن ذلك: ثبت في سنن أبي داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في ماء في إناء وصبه على المريض، وبهذا يعلم أن التداوي بالقراءة في الماء، وصبه على المريض ليس محذوراً من جهة الشرع إذا كانت القراءة سليمة.

وأخيراً: الدعاء إلى الله في صلاتك أن يصرف عنك ما تجدين، مع المداومة والاستمرار، وستجدين تحسناً بفضل الله تعالى.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يصرف عنك الشر، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً