الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لي شاب متدين لكنه لا يملك سكنًًا مستقلًا، فهل أقبل به؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي استشارة -جزاكم الله خيرًا-، تقدم لي شاب ذو دين وخلق، والكل يشهد على ذلك، ولا يزال طالبًا يدرس العلم الشرعي -وفقه الله-، بيننا قرابة، وهو جار لي، تحدثنا وكل شيء تمام، حتى وصلنا للمسكن، فأنا منتقبة، وهو لا يزال طالبًا ليس له مسكن خاص، فقال لي: إننا سنقطن مع العائلة، ولديه إخوة متزوجون، وزوجاتهم منتقبات أيضًا، لكنهن يكشفن وجوههن أمام إخوان أزواجهن، وقال لي إنني أيضًا سأكشف وجهي، فهذا الأمر أزعجني، وجعلني أرفضه، وأنا الآن في حيرة؛ لأنني أرى حسن خلقه والتزامه.

أرشدوني، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان، ويُبلّغك من الآمال ما تتمنينه وزيادة، ونحن على ثقة تامَّة - ابنتنا العزيزة - من أن الله سبحانه وتعالى لن يحرمك خيره بسبب طاعتك له سبحانه وتعالى، فإنه {من يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، فأحسني ظنّك بالله تعالى، وأنه إن فاتك شيءٌ من أجل الله، فإن الله سيعوضك بخيرٍ منه، واعلمي أن كل شيءٍ قد قضاه الله تعالى وقدّره قبل أن نخرج إلى هذه الدنيا، فكلُّ شيءٍ بقدر، كما قال الرسول الكريم (ﷺ).

فلا تندمي أو تتحيري بسبب رفضك لهذا الشاب حين طلب منك كشف وجهك أمام الأجانب، ولا تُؤنّبي نفسك على ذلك، فإن موقفك صحيح، وإن كان كشف الوجه أمام الرجال الأجانب مسألة اختلف فيها الفقهاء؛ فمنهم من يُجيز الكشف، ومنهم مَن يُوجب عليها أن تُغطي وجهها، إذا علمت وتيقنت أن الأجنبي سينظر إليها، ولكن هناك موضع يتفق عليه الفقهاء، أو ربما تقترب مواقفهم من الاتفاق، وهو أنه إذا خُشيت الفتنة على المرأة أو خُشي الافتتان بها على الرجل؛ فإنها مأمورة بتغطية وجهها، ولا شك أن هذا الزمان الذي نحن فيه زمانٌ فيه ضعفت النفوس، وضعف الإيمان، ومن ثمّ فدواعي الفتنة، وتسلُّط الهوى والنفس والشيطان على النفوس كثير وغالب، فنحن نثبتك على ما أنت عليه من تغطية وجهك، ما دمت قد اخترت هذا الطريق، وسكن قلبك إلى الأخذ بهذا الرأي، فأنت على خيرٍ إن شاء الله.

وهذا الشاب يمكنك الاستعانة بقريباته إن كانت لكم علاقات ما دمتم جيرانًا وبينكم قرابة، يمكنك إعادة الكرة بمحاولة إقناعه بأن هذا الموقف الذي تتخذينه هو موقف لحفظ نفسك أنت وحفظ زوجك، وممَّا ينبغي أن يحرص عليه الزوج لا أن يتركك من أجله، وعديه بأن الأمور ستمضي إن شاء الله تعالى دون حرج ودون ضيق، إلى أن ييسّر الله تعالى لكم مسكنًا مستقلًّا.

وبهذه المحاولات إن علم الله تعالى فيها الخير لك، فإنه سيُكلّلها بالتوفيق والنجاح والوصول إلى ما تتمنين، وإن قدّر الله تعالى خلاف ذلك، فاعلمي أن الخير فيما يُقدّره الله ويختاره لك، فقد قال الله تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُون} [سورة البقرة:216].

نسأل الله تعالى أن يفتح لك أبواب الخيرات، ويعوضك عن كل ما فقدته من أجل الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً