السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين المختار، وعلى آله وصحبه ومن اتبع نهجه إلى يوم الدين.
إخواني وأخواتي في الله بعد الشكر والثناء على هذه الخدمة أضع بين أيديكم مشكلتي التي لم أجد لها حلاً، وضاقت بي الأرض، ولم أجد من متنفس، فقلت لن يفيدني إلا أهل العلم والتقوى وسآخذ بما ستحكمون وتقولون، لكن طلبي أن تستعجلوا بالرد؛ لأن الأمر يجب أن يحسم في أيام قلائل، وإن كان هناك محادثه هاتفية فلا مانع، فأنا أتعذب كل دقيقة، ولا أجد حائطاً أستند إليه.
إليكم مشكلتي واعذروني إن كانت مفصلة لأني أريد أن تنظروا إليها من جميع النواحي:
أنا فتاه مغتربة بأمريكا، وأدرس الماجستير، وقدر الله أن أدخل غرف الدردشة، وكنت أقضي بعض الوقت فيها لأن كثيراً من واجباتي المدرسية تحكم علي الطباعة والبحث في الجهاز، كنت أقضي وقت الدردشة في غرف إسلامية دعوية، والحمد لله كانت هناك نتائج جيدة، وكنت أحلم وأخطط بالمزيد، لكن شاءت الأقدار ما لا يخطر بالبال، فقد تعرفت على شاب وكان حديثنا في قضايا إسلامية وفكرية وسياسية واجتماعية، ثم بدأنا ننتقل لمواضيع ومعلومات خاصة بنا، لكني كنت حذرة كالعادة، واستمر الاتصال الإلكتروني معه لأشهر طويلة ولساعات، وصارحني بعد فترة قصيرة جداً أنه يريد الزواج مني، وشرح لي أن أهله بأمريكا بولاية مجاورة لنا، ورغم عدم اقتناعي بوسيلة الشات للزواج، لكن إصراره وطريقته وإلحاحه وإعجابي به أيضاً جعلني أتقبل الأمر على شرط أن يأتي وأقابله عند أهلي، ويسأل أهلي عنه، ولم أعطهِ موافقة، ولقد وافقني الرأي، ووعدني أن يأتي، فقد كان بمشرق الأرض وأنا بمغربها، ثم حدثت أحداث العراق، وتشتت الأمور قليلاً لحضوره، وقال إنه ينوي أن ينزل مع المتطوعين، وطلب مني رقم الهاتف فأعطيته ؛ لأن أمر الزواج واللقاء بدأ يذهب من مخيلتي لقراره، وبعد أن هدأت الأوضاع رجعنا كما كنا، وفاجأني أنه في أمريكا، لكن أخبرني أن هناك أموراً معوقة لحضوره لخطبتي، وبعد أيام وصلت الفاجعة والخبر الغريب، فقد أخبرني قريبه وكان يعرف علاقتنا أنه إنسان متزوج ولديه 3 أطفال، كاد عقلي أن يذهب، وكانت صدمة قوية هدت كل أحلامي، وجعلتني أتصور الإنسان الملتزم الذي أحببته أنه كاذب ومخادع، وعزمت أن أقطع كل علاقة به، وفعلت وأصبحت لا أدخل النت، ومحيت كل ذكرى له، وما إن مرت أيام حتى فاجأني باتصاله الهاتفي وإخباري أنه في أمريكا وعازم أن يأتي ويخطبني، وأخبرته بقراري، لكنه لم ييئس وبدأ يشرح لي عن عدم سعادته الزوجية، وكيف أنه تزوج وهو صغير زواجاً أسرياً، ولا توجد نقاط اتفاق مع زوجته، لكنه لا يستطيع تركها ولديه أطفال ووووو...، استمررنا بالمحادثة الهاتفية وعرفني على زوجة أخيه، وكنت أتعلق به وأحبه كثيراً كلما تقربت منه، فاتفقنا أن يأتي وسيحكم الله بيننا، وقد حضر أخوه الأكبر مع زوجته، وتحدثوا مع أهلي واتصل هو بأخي الأكبر مراراً كي يبني جسر علاقة، ثم تحدث مع والدي، وأعجب والدي به، وأخبره والدي أن زواجه الأول ليس عائقاً عنده والأمر يعود لي، وناقشه بأمور جدية، وشرط عليه سكناً شرعياً، وقد أخبره الشخص أني سأسكن بولايته، ولي مسكن شرعي، وسينزل في العطلة عند أولاده كما كان من قبل، وإن حدث أن عدنا لبلادنا فسأسكن بمدينةٍ أخرى...الخ
المشكلة الآن أن الأمر عاد إلي، وكأن العالم كله ينهد فوق رأسي، تعب عقلي من التفكير، وأصبحت لا أنام ولا آكل، وعقلي شارد، وتعبت كثيراً، ولاحظ الجميع ذلك، وظنوا أنه بسبب شغلي ودراستي، وفي اليوم الذي حضروا فيه لطلبي، شعرت بتنفير وصد أهلي للأمر فكدت أموت من الهم طول الليل، وفي اليوم التالي أغمي علي وأخذتني الإسعافات...آآآآآآآآه ..لا أدري ماذا أقول لكم، وكيف أشرح ؟ وعن ماذا أفصح؟ وعن ماذا أسكت...؟ الذي أريد أن أقوله أني أحبـه جداً، ولا أرى حياتي وسعادتي إلا معه، رغم عدم قبولي وخوفي من أنه متزوج، لكن المشكلة هي أن أهلي رافضين جميعهم، ولا يوجد أحد يفهمني ويساندني حتى والدي الذي قال لهم إنه لا يوجد لديه مانع، أهلي انقلبوا عليه، وحاولوا إقناعه أنه سيكون زواجاً فاشلاً، وقد جرت حوارات كثيرة معي، وكلهم يتوعدني أني إذا وافقت فسيقلبون الدنيا علي.... وقد أفصحت عن حبي وعلاقتي به لأختي الكبرى والصغرى وقريبتنا، وزدتهم هماً وغماً...أنا أفكر بالموضوع من جميع النواحي، وأريد أن لا أبني ردي على عواطفي فحسب، فعندما أنظر للتكافؤ الزوجي أجد هناك بعض المعوقات:
1- مثلاً أنا أدرس الماجستير، وهو لم يتمم دراسته رغم سعة فكره وذكائه وثقافته، وناقشت هذا الأمر معه، وهو لا يمانع من تكميل تعليمه، وقد كان منتسباً في تخصص الشريعة ببلاده.
2- نحن من نفس البلاد لكننا من قريتين مختلفتين، وعائلته تدعي نفسها بأنها قبائل، وعائلتي ينظرون إليهم بدونية ولا يحسبونهم من القبائل، وهذا عائقٌ كبير في الزواج، لكنه هو لا يمانع لأنه ينظر لها بمنظور إسلامي، رغم أن أهله قد يحاربونه لذلك.
3- هو متربي تربية القرية، وأنا من المدينة، وهناك بعض الأمور المختلفة فكرياً، خاصة عن المرأة، لكن وجدت منه تقبلاً للنقاش، ونظر للأمور جميعها من منظار ديني.
4- زواجه مني قد يسبب له مشاكل كبيرة مع أهله وأقاربه، وخاصةً زوجته، رغم أنه يقول إنه سيدبر أموره لكني أخاف أن أكون سبباً لتفكك أسري وتعاسة أي أحد، وهذا يسوقني لتخوف آخر أني قد أكون لست مرغوبة عند بعض أهله وأقاربه.
5- الشيء الأخير والذي هو أهم العوائق وبيت القصيد أنه متزوج، وأهلي لا يوافقون على الأمر، ولا أدري ماذا أفعل، كما أن مجتمعي المحيط كله ينظر للتعدد على أنه خيانة زوجية، وينظر للزوجة الثانية كلصة، وحاولت أن أوصل المفهوم إليهم لكن دون جدوى.
الآن أضع سؤالي بعد أن سردت لكم القصة باختصار وهو: ماذا أقول لوالدي فهو ينتظر رأيي خلال يومين؟
هل أغامر وأتحدى الجميع وأوافق رغم أنه متزوج؛ لأني مقتنعة به فكرياً وعاطفياً على أنه هو الإنسان المناسب، أم أرفضه لضغوط من يحيطني، وحتى لا أجلب له الهموم والصعاب؟ الشيء الذي أخجل أن أبوح به لأي شخص أني أحبـه حباً يهز كياني، ولنا سنة كاملة نعرف بعض، ولم يجذبني إليه شيء دنيوي، رغم أن شكله حسن ولديه سعة مال وأسرة عريقة وخصال جيده، لكن ما جذبني إليه دينه وحماسه لرفعة الدين، وفكرنا المتحد بذلك رغم اختلاف أهلنا معنا، وكنا نسعى أن نذهب للأندلس أول زواجنا لنرى كيف كان الإسلام، وأن يكون الجهاد من أولويات همومنا ومخططنا، وكنا نعين بعضنا بالعبادات، ونبتكر أفكاراً للعبادات الجماعية والتعلم الديني، وهو أيضاً أتى ليخطبني وهو لا يعرف حتى شكلي ولا أهلي وووو ...لكنه كان متيقناً ومتأكداً بأكثر من طريقة أني متدينة، ويعرف أفكاري وأهدافي، وحبـه لي قد يفوق حبي له.
عذراً لإطالتي، وجزاكم الله خيراً لصبركم على هذه التفاصيل، لكني والله أفكاري متزاحمة ولا أجد من متنفس حتى إخواني خائفين أن أنهار وأتعب من جديد، وهذا ما يجعلهم يتراجعون عن هجومهم.
أخيراً أذكركم بسرعة الرد، ولحق الملهوف بجواب وافٍ، وطمأنينة المفزوع لعل الله يطمئنكم يوم الحساب، ولا تنسوا أختكم أمة الله بصالح دعائكم، فأنا بأمس الحاجة إليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.