أشكو من ضيق وإحساس باقتراب الموت، ما علاج ذلك؟

2024-04-25 02:07:24 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.

كنت قد عانيت قبل فترة من وسواس الموت لفترة طويلة واجتزته، والآن أعاني منه ولكن بصورة أكبر، بالأمس عانيت من آلام في قلبي، وضيق نفس، ولا أستطيع النوم، كنت قد استحضرت بسبب قراءتي وحفظي للقرآن (أي ظهرت علي أعراض المس)، وبعد فترة من الزمن التزمت بصلاتي وأدائي لأذكار الصباح والمساء، مع وجود ضيق النفس، وصداع، وضيق في الصدر، ومع ذلك لم أتوقف عن قراءة القرآن والأذكار.

بالأمس اشتد عليّ الضيق، وقمت بالبكاء فجأة، ولم أشعر بجسدي، وأصبحت أفكر أن موتي اقترب، وفي أي لحظة! لاإرادياً رفعت أصبعي وتشهدت كثيراً؛ ظناً أني سأموت في أي لحظة!

الآن أعاني من نفس الشيء، أعتقد أن موتي قريب جداً، فماذا أفعل؟ وأنا ملتزمة بصلاتي وقراءتي وأذكاري، أكاد أجن من فرط التفكير أنني أودع كل ركن في منزلي وأهلي وأحبتي، وأقول لهم: بأني سأموت!


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لك العافية من كل مكروه، وأن يُعجل لك الشفاء ممَّا نزل بك من داء الوسوسة.

وشيءٌ جميلٌ جدًّا أنك تُدركين تمام الإدراك أن كل ما تعانينه هو مجرد وساوس لا حقيقة لها، وهذه الفكرة إذا أحسنت استغلالها فإنها ستُعينك على دفع هذه الوساوس، وستكون سببًا في الشفاء منها، فإيمانك ويقينك بأن كل هذا إنما هو مجرد وسوسة جزءٌ مهمٌّ من العلاج؛ فإن الوساوس والمخاوف من الموت لا أثر لها؛ فالموت حقيقة واقعة، وكل الناس يموتون، كما قال الله في كتابه الكريم: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185].

والعلم بالوقت الذي سيموت فيه الإنسان أمرٌ غيبيٌ لا نعلمه، والمطلوب مِنَّا أن نتوجّه نحو استغلال الأوقات، والأعمار التي منحها الله تعالى لنا، في هذه الحياة قبل الممات، باستغلالها واستثمارها بما ينفعنا بعد الموت.

والموت ليس هو نهاية رحلة هذا الإنسان، بل هو بداية لرحلة أطول وحياةٍ مديدة دائمة، وهو في حقيقته بالنسبة للإنسان المسلم انتقال من العناء والمشقة إلى الراحة والنعيم، وانتقال من مكابدة هذه الحياة إلى الأُنس باللذَّة والحياة السعيدة في جنات النعيم.

فينبغي أن نتوجّه بالاهتمام إلى تحسين عمل الإنسان، بحيث إذا جاءه الموت ينتقل من هذه الحياة بشكلٍ يرضاه الله -سبحانه وتعالى- وبعملٍ يقرّبه إلى الله، وهذه فائدة ذكر الموت، فالقرآن يُذكّرنا بالموت، والنبي (ﷺ) يُذكّرُنا بالموت، ويحثُّنا على الأخذ بالأسباب التي تُذكِّرُنا بالموت، ليس من أجل أن يُصبح ذكر الموت رُعبًا وخوفًا يُعطّل حياتنا، ونشعر معه بأنواع الضيق والهم والحزن، ولكن ليبعثنا على الاستزادة والإكثار من عمل الخيرات، فنكون بذلك قد انتفعنا نفعًا عاجلًا وآجلًا.

والأطباء لهم نصائح كثيرة لكيفية التغلُّب على هذه الوساوس، وتمارين عديدة يُستفاد منها للتغلُّب على هذه الفكرة، ولكن من أهمِّ هذه الجوانب هذا الوعي الدّيني بقضية الموت، والعلم بأن الموت له أجل مُحدد لا يمكن أن يدفعه الإنسان عن نفسه، ومن ثمَّ فالخوف منه لا يُفيد، إنما الخوف النافع هو الاستعداد لهذا الموت بالإكثار من الأعمال الصالحة، وأن يسعى الإنسان إلى اغتنام عمره وحياته، فيعيشها بشكل صحيح، ويعطي كل ذي حقٍّ حقَّه، فيُعطي النفس حقَّها، والأهل والأولاد حقوقهم، وحينها إذا جاءه الموت فإنه سينتقل -بإذن الله تعالى- إلى حياةٍ أرغد، وعيشٍ أنعم من هذا العيش الذي نحن فيه في هذه الدنيا.

وللفائدة راجعي هذه الروابط: (2322784 - 2405159 - 2323709 - 2353544 - 2499854).

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يصرف عنَّا وعنك كل سوءٍ ومكروه، وأن يتوفّانا وهو راضٍ عنَّا.
____________________________
انتهت إجابة د. أحمد الفودعي المستشار التربوي والشرعي،
وتليها إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
____________________________

قلق المخاوف الوسواسي موجود، بل نلاحظ أن الحالات قد كثرت في هذه السنوات أو الأزمان الأخيرة، حيث إن الخوف من الموت أصبح شاغلًا لكثير من الناس، ونحن نقول دائمًا -وكما أكد الشيخ الدكتور أحمد سعيد الفودعي، جزاه الله خيرًا-: أن الخوف من الموت يجب أن يكون خوفًا نافعًا، وخوفًا شرعيًا، وخوفًا إيجابيًا، والموت حقيقة ثابتة ولا شك فيه أبدًا، وهو من أمور الغيب.

أيتها الفاضلة الكريمة: بما أن هذه الأفكار كلها أفكار وسواسية قلقية، يجب أن تحقّر، ويجب ألَّا تُناقش، ويجب أن تستبدليها بفكر مخالف تمامًا، واستبدال الفكر السلبي (أفكار الخوف بأفكار إيجابية) هذا فيه نوع من صرف الانتباه عن هذه المخاوف والقلق والتوتر.

بجانب الإرشاد النفسي والشرعي الرائع الذي أدلى به الشيخ أحمد الفودعي، أودُّ أن أنصحك بتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، ومن أفضل الأدوية المعروفة والسليمة جدًّا والفاعلة والغير إدمانية دواء يُسمَّى (سيرترالين)، هذا هو اسمه العلمي، وله أسماء تجارية كثيرة، من أشهرها (لوسترال) و(زولفت)، لكن ربما تجدينه في بلادكم تحت مسمى تجاري آخر.

حبة السيرترالين تحتوي على خمسين مليجرامًا، ابدئي بنصفها -أي خمسة وعشرين مليجرامًا- يوميًا كجرعة بداية، تناوليها لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة -أي خمسين مليجرامًا يوميًا-، واستمري عليها لمدة شهرٍ، ثم اجعليها حبتين يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بل هي المدة الوقائية المهمة جدًّا، خاصة أننا نتعامل مع دواء سليم جدًّا.

بعد انقضاء الستة أشهر اجعلي الجرعة نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء، أسأل الله تعالى أن ينفعك بهذا الدواء، وهو من الأدوية الفاعلة جدًّا كما ذكرت لك، وكوني دائمًا إيجابية في تفكيرك ومشاعرك وأفعالك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك مرة أخرى على الثقة في استشارات إسلام ويب.

www.islamweb.net