السؤال
بارك الله فيكم على ما تقدمون من جهود للمسلمين.
لدي عدة أسئلة عن تربية الحمام، ولا أريد منكم تحويلي على مواضيع سابقة؛ لأني بحثت كثيرا في عدة مواقع، وأريد الإجابة الشافية منكم.
1: لماذا شبه الرسول صلى الله عليه وسلم الحمام بالشيطان، في حديث: (شيطان يتبع شيطانة) هل تشبيهه بالشيطان، يدل على تحريمه المطلق، أو كراهية تربيته؛ لأنها في نظري طيور مسالمة؟
2: سألت أحد الشيوخ في السعودية عن حديث: (شيطان يتبع شيطانه) فخلاصة فتواه أن تربيتها مباحة، إذا لم يكن فيها ضرر على أحد، أو للاستفادة من لحمها أو بيضها، أو التجارة فيها؟
3: هل تربية الحمام تعتبر من الشبهات، التي أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم باجتنابها؟
4: بحثت كثيرا عن إفتاء أهل العلم في تربية الحمام، فبعضهم يقول بأنها محرمة، أو مكروهة، بسبب أنها تؤذي الجيران، أو تتلف المزروعات، أو إن انضم إليها قمار وما شابه، ولا يقول بأنها مباحة إذا لم تكن هناك أذية للجيران وما إلى ذلك.
وبعض أهل العلم يقول إنها مباحة إذا لم تؤذ الجيران، ومحرمة إذا أبعدتك عن الطاعات، أو انضم إليها قمار؟
فأنا لا أعرف آخذ بفتوى من، وأترك فتوى من؟
5: أنا أربي الحمام في غرفة مصنوعة من الخشب، ولا أطيرها أبدا، فقط تطير داخل الغرفة، وأقوم ببيع الفراخ للتجارة، ولا أزعج أحدا أبدا
من الجيران.
فهل فلوسي التي أكسبها من الحمام محرمة، أو مكروهة؟
وما حكم تجارتي هل هي مباحة؟
أتمنى منكم أن لا تحيلوني على أسئلة أخرى، بل أجيبوني على نفس سؤالي.
وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن تربية الحمام في البيت للانتفاع به وبيعه، جائزة ما دام لا يحصل بذلك إيذاء الجيران، ولا إضاعة حق الحمام؛ ففي الصحيحين عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء قال: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟. والنغير تصغير نغر وهو: طائر صغير.
قال ابن حجر في الفتح: إن في الحديث دلالة على جواز إمساك الطير في القفص، ونحوه .... اهـ.
وجاء في "المبسوط": فأما إذا كان يمسك الحمام في بيته يستأنس بها، ولا يطيرها عادة، فهو عدل مقبول الشهادة؛ لأن إمساك الحمام في البيوت مباح، ألا ترى أن الناس يتخذون بروج الحمامات، ولم يمنع من ذلك أحد. اهـ.
وقال ابن مفلح: وأباح أحمد اتخاذ الحمام للأنس، واعتبر أن تكون مقصوصة؛ لئلا تطير فتأكل زروع الناس. اهـ.
وأما الحديث الذي سألت عنه، فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول ا لله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يتبع حمامة، فقال: شيطان يتبع شيطانة. وقد صحح الحديث الألباني وغيره.
وسبب التشبيه المذكور في الحديث، قال فيه صاحب عون المعبود: إنما سماه شيطاناً لمباعدته عن الحق، واشتغاله بما لا يعنيه، وسماها شيطانة لأنها أورثته الغفلة عن ذكر الله.
قال النووي: اتخاذ الحمام للفرخ والبيض، أو الأنس، أو حمل الكتب، جائز بلا كراهة، وأما اللعب بها للتطير، فالصحيح أنه مكروه، فإن انضم إليه قمار ونحوه، ردت الشهادة، كذا في المرقاة. اهـ.
والله أعلم.