السؤال
كنت قد سألتكم في الفتوى رقم: 372166، وأجبتم عن الشرك المقصود في الآية، ولكن ما هو الراجح من أقوال العلماء في الشرك الأصغر: هل ينطوي تحت الآية: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء؟ وهل قول شيخ الإسلام، وابن عثيمين هو الراجح؟
أرجو توضيح الراجح.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا الخلاف في هذه المسألة، في الفتوى رقم: 144855، ولعل الأرجح في هذه المسألة أن الشرك الأصغر من جنس الذنوب، وأنه داخل تحت المشيئة، وقد رجح الشيخ سليمان بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هذا القول، فقال بعد حكاية القولين ما عبارته: والجواب عن ذلك ما تقدم من أنه داخل في الدون، فهو تحت المشيئة، ويصدر من خواص الأمة، ولا قائل بوجوب العذاب، والحكم به عليهم؛ إذ لا يسلم منه غالبًا إلاَّ من عصمه الله، وهم الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، ولأن الغفران اضمحلال الذنب، ومحوه، وهو عدم وجوده، وبقاؤه موجب للعذاب ما بقي؛ وذلك مخالف للقاعدة في أن أهل الكبائر لا يخلدون؛ لأن خروجهم منها بعد دخولها بالذنب لأمرين:
(الأول منهما): أن الذنب الذي استحق به دخول النار، قابل للمغفرة، وان لم يوجد الدخول.
(الثاني): وجود الإيمان الذي ماتوا عليه، بخلاف الذنب الذي لا يغفر؛ فإنه يقتضي العذاب الأليم أبدًا، ولا يضمحل بعذاب مرتكبه؛ لأنه غير قابل للمغفرة قبل العذاب، وكل ما لا يقبل المغفرة قبل العذاب، لا يضمحل بوجوده، ألا ترى إلى عذاب الكفار، قال سبحانه: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا العذاب}، وليس هنا ذنب غير قابل المغفرة إلاَّ الشرك الأكبر، فإنه لا يغفر، بل يعذب أهله العذاب الأكبر، فتعين أن يكون الشرك الأصغر ذنبًا كبيرًا كبقية الذنوب التي تقبل الغفران من علام الغيوب. انتهى.
والله أعلم.