الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دحض شبهة لبعض الملحدين

السؤال

سألني أحد الشيوعيين ماذا كان الله سبحانه وتعالى؟ هل يستطيع خلق شيء أكبر من ذاته، فإذا لم يفعل ذلك فليس بالقدير، وإن فعل ذلك فهو ليس أكبر شيء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكره هذا الشيوعي باطل من كل وجه، لأن خلق الله لشيء أكبر منه أو أقوى منه أو صخرة يعجز عن حملها، أو خلق الله لمثله، أو اتخاذ الولد؛ كل هذا مستحيل في حق الله تعالى، ووجه استحالته أنه يتنافى مع ربوبيته سبحانه وقهره وقوته، فإن قيل إن قولكم باستحالته يستلزم وصف الله بالعجز، قلنا: هذا الإلزام باطل، ولا يصدر إلا من عقل سخيف، وذهن بليد جهل بديهيات الأمور، إذ ما لا تتعلق به القدرة لا يصح أن يقال إنه قد عجز عنه، والقدرة إنما تتعلق بالممكنات لا بالمستحيلات، فإن فهم الشيوعي هذا فقد ألجم، وإن لم يفهم فنقول زيادة في الإيضاح لو جاريناك وفرضنا وقوع المستحيل، وهو أن يخلق الله من هو أقوى منه، لكان هذا المخلوق قادراً على قهر الخالق، وكان الخالق عاجزاً ضعيفاً، وما كان عاجزاً ضعيفاً، فليس برب ولا قادر ولا قاهر، وعموماً فلا يصدر هذا الكلام إلا ممن جهل ربه ولم يقدره حق قدره، فلو علم العبد أن الأرض التي يعيش على سطحها لا تساوي جزءاً من مليون جزء من الشمس، وأن الشمس ليس بيننا وبينها إلا ثمان دقائق ضوئية، فكيف بالنجوم التي يسافر الضوء منها إلينا في مليون سنة ضوئية أو مليار سنة ضوئية، وما هذه النجوم قريبها وبعيدها إلا زينة السماء الدنيا، فكيف بالسماء الثانية والثالثة والرابعة إلى السابعة، ثم قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا أبا ذر ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة -أي صحراء- وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة. رواه ابن حبان في صحيحه، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري: وله شاهد عن مجاهد أخرجه سعيد بن منصور في التفسير بسند صحيح، فكيف بخالق العرش والكرسي القائل: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (طـه:5)، والقائل: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ (الأنعام: من الآية18)، وانظر الفتوى: 6825.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني