الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النساء أكثر ولد آدم

السؤال

كيف يدفع الإشكال بين هذه الأحاديث؟ قول رسول الله (تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار)، وقوله في حديث صحيح أيضًا (لا يدخل من النساء الجنة إلا من كانت كهذا الغراب بين الغربان) صححه الحافظ العراقي والألباني، وبين حديث آخر أظنه عن أبي هريرة (تزوج يا ابن أخي، فإن خير هذه الأمة النساء) لم أضبط اللفظ، وحديث آخر لأبي هريرة على ما أظن يقول بأن عدد النساء أكثر من الرجال، واستدل بذلك أن الرجل يزوج باثنتين من النساء في الجنة!

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقوله -صلى الله عليه وسلم-: تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار. رواه البخاري عن أبي سعيد، ومسلم عن ابن عمر، وفي معناه حديث ابن عباس المتفق عليه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ورأيت النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بكفرهن قيل: بكفرهن بالله؟ قال: بكفرهن العشير وبكفرهن الإحسان. الحديث.

وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان. فرواه أحمد وهو كناية عن قلة من يدخل الجنة من النساء، لأن هذا الوصف في الغربان قليل، والحديث الأول يفيد أن أكثر أهل النار النساء. قال المناوي: عامة أهل النار النساء، لأنهن لا يشكرن بالعطاء ولا يصبرن ثم البلاء في عامة أوقاتهن. اهـ.

وأما الحديثان اللذان ذكرهما الأخ وظن تعارضهما مع ما تقدم، فنقول: الجواب عليهما: أن الأثر الأول لم نجده عن أبي هريرة ولا غيره، وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفا عليه. أنه قال لسعيد بن جبير: تزوج، فإن خير هذه الأمة كان أكثرها نساء. رواه أحمد والبخاري، ومعناه كما قال الحافظ في الفتح: وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْخَيْرِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَبِالْأُمَّةِ أَخِصَّاءُ أَصْحَابِهِ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ تَرْكَ التَّزْوِيجِ مَرْجُوحٌ، إِذْ لَوْ كَانَ رَاجِحًا مَا آثَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- غَيْرَهُ. اهـ. وبهذا يتضح أن هذا ليس فيما نحن فيه، وعلى ذلك، فلا تعارض بينه وبين ما تقدم.

وأما الحديث الثاني فهو في صحيح مسلم بسنده عن محمد بن سيرين قال: إما تفاخروا، وإما تذاكروا الرجال في الجنة أكثر أم النساء؟ فقال أبو هريرة: أولم يقل أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-: إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة ليلة البدر، والتي تليها على أضوء كوكب دري في السماء، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب، وفي رواية لمسلم أيضًا: اختصم الرجال والنساء أيهم في الجنة أكثر؟ فسألوا أبا هريرة فقال: قال أبو القاسم... فهذا الحديث لا يتعارض مع الأحاديث القاضية بأن أكثر أهل النار النساء، لأن النساء أكثر أهل النار وأكثر أهل الجنة.

قال الإمام النووي في شرح مسلم: قال القاضي: ظاهر هذا الحديث أن النساء أكثر أهل الجنة، وفي الحديث الآخر أنهن أكثر أهل النار. قال: فيخرج من مجموع هذا أن النساء أكثر ولد آدم. قال: وهذا كله في الآدميات، وإلا فقد جاء للواحد من أهل الجنة من الحور العدد الكثير. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني