الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا بيان معنى العلمانية، وخطورة فصل الدين عن الدولة، وعزله عن الدنيا، وبيان أن الإسلام دين ودولة في حقيقته وتعاليمه، وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 2453 ، 5490 ، 100226 ، 39564. ومما يدخل في ذلك أن يكون مصطلح الدين بمنأى عن الحياة العملية في شكلها السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو غير ذلك من مظاهر الحياة.
وأما مصطلح (رجال الدين) فإن أريد به علماؤه وفقهاؤه والقائمون به علما وعملا، فلا بأس بذلك من حيث المعنى، وإن كنا نتحفظ على هذا المصطلح لما له من دلالة منحرفة في الملل الأخرى، حيث مبدأ الوساطة بين الله تعالى وبين عباده، فيكون لطبقة رجال الدين الحكم في شئون الناس باسم السماء أو باسم الرب، حتى يبلغوا مرحلة النيابة عن الله سبحانه ويعطون حق التحريم والتحليل، وهذا ما يعرف عندهم باسم " الإكليروس ".
قال تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {التوبة :31}،
وقد سمع عديُّ بنُ حاتم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية وقال: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
والله أعلم.