النصيحة للأب تكون بأسلوب لين والبر واجب له وإن أساء

18-5-2010 | إسلام ويب

السؤال:
أريد إفادتي كيف أتصرف مع والدي سأحكي لكم كيف تعامله معنا.
أنا أبلغ من العمر 30 ومطلقة، وأبي لديه زوجتان، وعنده من الأبناء 16 من كلا الزوجتين من الزوجة الأولى وهي والدتي 5: ذكر واحد وأربع إناث، والبقية من زوجته الأخرى 3 إناث و8 ذكور.
والدي تغير منذ أن دخلت زوجته الأخرى، وأبناؤه من والدتي كلهم متزوجون ولله الحمد إلا أنا مطلقة.
معاملة أبي لنا:
أبي لا يصرف على والدتي نهائيا رغم أنا في بيت واحد حتى قطعة خبزة لا يحضرها لنا، وأنا الآن المفروض أني تحت ولايته يعني هو المفروض يصرف علي أنا ووالدتي؛ لأنه لم يطلقها النوم في بيتنا لا يعني ما يمر علينا إلا بالأسبوع والسلام ومع السلامة قبل كم يوم سافر الوالد وتركني أنا وأمي بالبيت بروحنا وللمعلومية ليست أول مرة يفعلها، يقولون الكبت يولد الانفجار، رحت أنا وأرسلت رسالة فيه أعتب فيها عليه وكيف أنه تركنا وسافر ولا سأل في حرمتين في بيت يعني حرام والله، المهم من ضمن رسالتي قلت له إنه الله لنا وكيف تركتنا والظاهر أن عيالك هم عيال تلك المرأة، وذكرت اسمها لأن عنده زوجتين، فكل أبناء يسمون باسم أمهم للتميز فقط.
أبي رجع من سفره فرحت وقلت أحس بنا، لكن للأسف رجع ليقول لي لماذا ما تحترمين زوجة أبيك، بينت له أني ماغلطت، هذا للتوضيح. رفض كلامي ودخل في مواضيع ماتمت للموضوع الأصلي بصلة، وجعلني مجرمة أنا وإخواني بحقها ساعتها أخرجت ما بخاطري كله من ظلم لنا من يوم كنا صغارا، وصارت تخرج مواضيع ثانية، المهم قلت له أنا بنت وحق عليك أنك تأخذني أنا وأمي قال لي كذا إذا السيارة ماتكفيك أنت وأمك فلن آخذك أبد كذا قالها. طبعا عند امرأته شغالة والشغالة ألزم عليه من بنته وامرأته. بعدها قال لي أنا أرقب ربي وما أخطأت في حقكم. قلت له الحين أنت ترى أن تركك لنا ليس خطأ قال لا قلت له أجل يا أبي الحساب يوم الحساب ما دمت رافضا، ومن ضمن كلامه قعد يتمنن علي أن عياله هم الذين يأخذونني وأنه هو يذكرهم قلت له هؤلاء إخواني وحق عليهم، ومن ضمن كلامه قالي هذا الذي جعل ربي ما يوفقك يقصد طلاقي.
فأنا أسال هل أنا أخطأت يوم طلبت منه أن يفكر فينا وغير هذا؟ هل تتوقعون أنه طبيعي يعني هل يعقل أن يوجد أب كهذا؟ ترى له سنون تاركنا يعني عايشين في بيت واحد، لكن الحقوق كلها لامرأته وعياله، وأمي لها سنون وهو متخل عنها، نحن عيالها نصرف عليها، ولا له علاقة بها نهائيا غير السلام فقط، حتى حقها بالنوم حارمها منه له سنين، أحببت انكم تفتوني ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما كان منك - أيتها السائلة – من نصيحة لأبيك أن ينظر في تقصيره في حقك وحق أمك، أمر طيب لا حرج عليك منه، ولكن كان من الواجب عليك أن يكون هذا بأسلوب لين رفيق لا زجر فيه ولا تعنيف، وبما يتوافق مع حق أبيك عليك من البر والتوقير والاحترام، فإن الله سبحانه قد أمر الأبناء بتوقير آبائهم ونهاهم عن مجرد التأفيف لهم قال تعالى: "فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" {الإسراء:24}.

قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: وقل لهما قولا كريما. أي لينا لطيفا مثل يا أبتاه ويا أماه من غير أن يسميهما ويكنيهما، قال عطاء: وقال ابن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله وقل لهما قولا كريما ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ. انتهى.

واعلمي أن حق الوالدين يستمر حتى مع إساءتهما وتقصيرهما في حق الأبناء؛ لأن الله سبحانه لم يعلق الأمر ببر الآباء وإكرامهم على كونهم محسنين لأبنائهم، وإنما علقه على مجرد الأبوة حتى ولو كانا مشركين يدعوان ابنهما إلى الشرك بالله والكفر به، فعليه حينئذ أن يصاحبهما بالمعروف قال سبحانه:" وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان/15]} فينبغي إكرام الوالدين وإن أساءا .

وما ذكرت من حال أبيك وتفريطه في حقوقكم وحقوق أمكم لا شك أنه إثم عظيم، لأن الشريعة الغراء قد أمرت بالعدل بين الأولاد فقال – صلى الله عليه وسلم – "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" رواه البخاري ومسلم . وأمرت كذلك بالعدل بين الزوجات، وجاء الوعيد الشديد لمن مال لإحدى زوجتيه وضيع الأخرى، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 118739.

وأيضا فإن من حق الزوجة على زوجها أن يوفيها حقها في الفراش قال شيخ الإسلام  ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى: ويجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف وهو من أوكد حقها عليه أعظم من إطعامها، والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل: بقدر حاجتها وقدرته، كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته وهذا أصح القولين. انتهى .

ومن حق الزوجة أيضا أن ينفق عليها زوجها في سائر الضروريات والحاجيات بالمعروف على قدر حالهما معا يسارا أو إعسارا، وقد بينا ماهية النفقة الواجبة على الزوج في الفتوى رقم: 113285

أما نفقة البنت إذا تزوجت ثم طلقت فقد حصل فيها خلاف فذهب بعض العلماء إلى أنها لا تكون على أبيها إلا إذا كانت غير بالغة جاء في الثمر الداني في الفقه المالكي: "فإذا طلقها زوجها أو مات عنها فلا تعود نفقتها على الأب إن كانت بالغة وتعود إن كانت غير بالغة" انتهى. ولكن الراجح وجوب نفقة الأولاد ذكرانا أو أناثا بالغين أو غير بالغين ما داموا فقراء قال في سبل السلام" وإيجاب نفقة الولد على أبيه وإن كان كبيراً، قال ابن المنذر اختلف في نفقة من بلغ من الأولاد ولا مال له ولا كسب، فأوجب طائفة النفقة لجميع الأولاد أطفالاً كانوا أو بالغين، إناثاً أو ذكراناً إذا لم يكن لهم أموال يستغنون بها عن الآباء" انتهى.

وعليه فإن من الواجب على أبيك أن ينفق عليك ما دمت فقيرة محتاجة.

والله أعلم.

www.islamweb.net