الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن حكاية القارئ لصوت المرأة، وترقيق صوته في موضع دور المرأة في الرواية -إن كان القصد منه أن يميز المستمع، ويفرق بين دور الرجل، وبين دور المرأة-؛ فلا يظهر أنه داخل في معنى التشبه بالنساء المنهي عنه، وإن كان الأولى اجتنابه.
وعلى كلٍّ؛ فلا مانع من الاستماع إليه.
والتشبه بالنساء المنهي عنه: هو التَّكَسُّر والتأَنُّث تَكَلُّفًا واعتيادًا كشأن المخنثين.
ففي صحيح البخاري، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أنه قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ.
وفي لفظ: لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم.
جاء في تحفة الأحوذي نقلًا عن الإمام النووي: مَنْ يَتَكَلَّفُ أَخْلَاقَ النِّسَاءِ، وَحَرَكَاتِهِنَّ، وَسَكَنَاتِهِنَّ، وَكَلَامَهُنَّ، وَزِيَّهُنَّ، فَهَذَا هُوَ الْمَذْمُومُ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَعْنُه. انتهى.
وجمهور العلماء على حرمة تشبه الرجال بالنساء، وعكسه، وقيل: بأن ذلك مكروه تنزيهًا.
جاء في الآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح: يكره تشبه رجل بامرأة، وامرأة برجل في لباس، أو غيره، ذكره صاحب المستوعب، وابن تميم، وقدمه في الرعاية الكبرى، وعنه يحرم ذلك، وقطع به الشيخ موفق الدين، وهو أولى، وقطع به أكثر الشافعية، والأول ذكره صاحب المحيط من الحنفية.
والله أعلم.