الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في إعطاء الأم الغارمة من زكاة مالك لقضاء دينها، والغارم هو المدين الذي لا يجدُ وفاء لدينه، جاء في الكافي لابن عبد البر المالكي: وأما الغارمون فهم الذين عليهم من الدين مثل ما بأيديهم من المال، أو أكثر، وهم ممن قد أدان في واجب، أو مباح، فإن كان كذلك، جاز أن يعطوا من الصدقة ما يقضون به ديونهم، أو بعضها، فإن لم يكن لهم أموال، فهم فقراء غارمون يستحقون الأخذ بالوصفين جميعا. انتهى.
وفي المغني لابن قدامة الحنبلي: وهم المدينون العاجزون عن وفاء ديونهم، هذا الصنف السادس من أصناف الزكاة، ولا خلاف في استحقاقهم، وثبوت سهمهم، وأن المدينين العاجزين عن وفاء ديونهم منهم. انتهى.
فإذا ثبت عجزها عن قضاء جاز أن يصرف لها من زكاة ابنها ما تقضي به دينها، قال النووي في شرح المهذب: قال أصحابنا: ويجوز أن يدفع إلى ولده، ووالده من سهم العاملين، والمكاتبين، والغارمين، والغزاة، إذا كانا بهذه الصفة. انتهى.
وقال شيخ الإسلام كما في الاختيارات -4/457: ويجوز صرف الزكاة إلى الوالدين وإن علوا، وإلى الولد وإن سفل، إذا كانوا فقراء، وهو عاجز عن نفقتهم، لوجود المقتضي السالم عن المعارض العادم، وهو أحد القولين في مذهب أحمد، وكذا إن كانوا غارمين، أو مكاتبين، أو أبناء السبيل، وهو أحد القولين أيضاً. اهـ.
ولا يمنع من دفع الزكاة لها وجود حلي لها تحتاجه، جاء في الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي الشافعي-2/ 37: أنه سئل عما لو كانت امرأة مدينة، فهل تعطى لأجل دينها من الزكاة، مع أنها تملك من المصاغ ما يوفيه، لكن تحتاجه للتجمل به، ليرغب فيها لأجله، أو لا، ويلزمها بيعه؟ فأجاب - رضي الله عنه - بأن الذي يصرح به كلام الرافعي المنقول عن بعض شروح المفتاح وغيره الذي قدمته قريبا أنها تعطى دينها من الزكاة، ولا يلزمها بيع حليها المحتاجة إليه لتتجمل به، أو لتؤجره لمن يتجمل به، وتتقوت بأجرته. اهـ.
والله أعلم.