وفي المسند عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : الإسلام علانية ، والإيمان في القلب .
وفي هذا الحديث دليل على ويؤيده قوله [ في حديث سؤالات المغايرة بين الإسلام والإيمان جبريل ، في معنى الإسلام والإيمان . ] وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم . فجعل الدين هو الإسلام والإيمان والإحسان ، فتبين أن ديننا يجمع الثلاثة . لكن هو درجات ثلاثة : فمسلم ، ثم مؤمن ، ثم محسن . والمراد بالإيمان ما ذكر مع الإسلام قطعا ، كما أنه أريد بالإحسان ما ذكر مع الإيمان والإسلام ، لا أن الإحسان يكون مجردا عن الإيمان . هذا محال . وهذا كما قال تعالى : ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله [ فاطر : 32 ] . والمقتصد والسابق كلاهما يدخل الجنة بلا عقوبة ، بخلاف الظالم لنفسه ، فإنه معرض للوعيد .
[ ص: 488 ] وهكذا من أتى بالإسلام الظاهر مع التصديق بالقلب ، لكن لم يقم بما يجب عليه من الإيمان الباطن فإنه معرض للوعيد .
فأما الإحسان فهو أعم من جهة نفسه وأخص من جهة أهله ، والإيمان أعم من جهة نفسه وأخص من جهة أهله من الإسلام . فالإحسان يدخل فيه الإيمان ، والإيمان يدخل فيه الإسلام ، والمحسنون أخص من المؤمنين ، والمؤمنون أخص من المسلمين . وهذا كالرسالة والنبوة ، فالنبوة داخلة في الرسالة ، والرسالة أعم من جهة نفسها وأخص من جهة أهلها ، فكل رسول نبي ، ولا ينعكس .