( وما وجدته ) أيها الناظر في هذا المختصر ( من زيادة لفظة ) أي كلمة كظاهر وكثير في قوله في التيمم في عضو ظاهر بجرحه دم كثير ( ونحوها ) كالهمزة في أحق ما يقول العبد فإنها جزء كلمة لا كلمة ( على ما في المحرر فاعتمدها فلا بد منها ) أي لا غنى ولا عوض عنها لطالب العلم لتوقف صحة الحكم أو المعنى أو ظهوره عليها ( وكذا ما وجدته ) فيه ( من الأذكار ) جمع ذكر وهو لغة كل مذكور وشرعا قول سيق لثناء أو دعاء ، وقد يستعمل شرعا أيضا لكل قول يثاب قائله ( مخالفا لما في المحرر وغيره من كتب الفقه فاعتمده فإنى حققته ) أي ذكرته وأثبته وأصله لغة صرت منه على يقين كتحققته ( من كتب الحديث ) وهو لغة ضد القديم واصطلاحا علم يعرف به أحوال ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وصفة ( المعتمدة ) في نقله لاعتناء أهله بلفظه ، والفقهاء إنما يعتنون غالبا بمعناه دون غير المعتمدة ففيه حث على إيثار فعله ؛ لأن كل أحد يؤثر المعتمد على غيره ( وقد أقدم بعض مسائل الفصل لمناسبة ) أي لوقوع النسبة بين الشيئين حتى يكون بينهما وجه مناسب ( أو اختصار ) قبل أحدهما كاف لاستلزامه الآخر انتهى .
[ ص: 57 ] ويرد بمنع الاستلزام إذ قد توجد مناسبة بلا اختصار بل قد لا توجد إلا مع عدمه ، وقد يوجد اختصار من حيث اللفظ من المناسبة من حيث المعنى ، وذلك كما وقع له أول الجراح فإنه أخر بحث المكره عن بحث السبب الموجب للقود ليجمع أقسام المسألة بمحل واحد ( وربما ) للتقليل كما جرى عليه عرف الفقهاء وإن قيل إنها للتكثير أكثر ، وقد قيل بهما في { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين } .
( قدمت فصلا ) وهو لغة الحاجز بين الشيئين وهو في الكتب كذلك لفصله بين أجناس المسائل وأنواعها ( للمناسبة ) كفصل كفارات محرمات الإحرام على الإحصار ( وأرجو ) من الرجاء ضد اليأس فهو تجويز وقوع محبوب على قرب واستعماله في غيره كما في { ما لكم لا ترجون لله وقارا } أي لا تخافون عظمته مجاز يحتاج لقرينة ( إن ) عبر بها مع أن المناسب للرجاء إذا إشارة إلى أنه مع رجائه ملاحظ لمقام الخوف المقتضي للتردد في التمام اللازم للمرجو ( تم هذا المختصر ) الحاضر ذهنا وإن تقدم على وضع الخطبة كما هو مبين في أول شرحي للإرشاد وتقدمها يدل عليه صنيعه في مواضع ، وقد تم ولله الحمد ( أن يكون في معنى الشرح ) من شرح كشف وبين ( للمحرر ) لقيامه بأكثر وظائف الشراح من إبدال الغريب والموهم وذكر قيود المسألة وبيان أصل الخلاف ومراتبه وضم زيادات نفيسة [ ص: 58 ] إليه ولم يبق إلا ذكر نحو الدليل والتعليق فلذا لم يقل شرحا ثم علل ذلك بقوله ( فإني لا أحذف ) بإعجام الذال أسقط ( منه شيئا ) بحسب ما عزمت عليه ( من الأحكام ) التي في نسختي ، ولم يكن فيما ذكرته ما يفهم ما حذفته فلا يرد عليه شيء مما اعترض عليه بحذفه له من أصله .
خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلف والشيء لغة عند أكثر أئمتنا ما يصح أن يعلم ويخبر عنه وعليه أكثر الاستعمال في القرآن وغيره وعند آخرين والحكم الشرعي كالبيضاوي حقيقة في الموجود مجاز في المعدوم ولم تختلف الأشاعرة والمعتزلة في إطلاقه على الموجود ، وإنما النزاع بينهما في شيئية المعلوم بمعنى ثبوته في الخارج وعدم ثبوته فيه فعند الأشاعرة لا وعند المعتزلة نعم قال المصنف وغيره ووافقونا على أن المحال لا يسمى شيئا ومحل بسط ذلك كتب الكلام ( أصلا ) هي عرفا للمبالغة في النفي مصدرا أو حالا مؤكدة للا أحذف أي مستأصلا أي قاطعا للحذف من أصله من قولهم استأصله قطعه من أصله ( ولا ) أحذف منه شيئا بالمعنى السابق ( من الخلاف ولو كان واهيا ) أي ضعيفا جدا مجاز عن الساقط ( مع ما ) أي آتي بجميع ذلك مصحوبا بما ( أشرت إليه من النفائس ) المتقدمة ( وقد ) للتحقيق ( شرعت ) بعد شروعي في ذلك المختصر كما أفاده السياق أو مع شروعي فيه عرفا ولا ينافيه ذلك السياق والتعبير بالتمام لاحتمال أنه باعتبار ما في الذهن ( في جمع جزء ) أي كتاب صغير الحجم تشبيها بمعنى الجزء لغة وهو بعض الشيء ( لطيف ) حجمه جدا ( على صورة الشرح ) صفة ثانية لجزء ( لدقائق ) جمع دقيقة وهي ما خفي إدراكه إلا بعد مزيد تأمل ( هذا المختصر ) من حيث اختصاره لعبارة المحرر لا لكل دقائق الكتاب كما أشار إليه لفظ المختصر ، وصرح به قوله ( ومقصودي به التنبيه على الحكمة ) أي السبب [ ص: 59 ]
والتحقيق أنها في نحو ومن يؤت الحكمة العلم والعمل المتوفر فيهما سائر شروط الكمال ومتمماته ( في العدول عن عبارة المحرر وفي إلحاق ) الزائد على المحرر بلا تمييز من ( قيد ) للمسألة ( أو حرف ) في الكلام كالهمزة في أحق ( أو شرط للمسألة ) وهو بالسكون لغة تعليق أمر مستقبل بمثله ، واصطلاحا ما يأتي أول شروط الصلاة واختلفوا هل الشرط يرادف القيد ، ورجح أن مآلهما لشيء واحد ويرد بأن من أقسام القيد ما جيء به لبيان الواقع كما مر ، وهو نقيض الشرط ( ونحو ) مبتدأ ( ذلك ) وهو التنبيه على المقاصد وما قد يخفى ومنه بيان شمول عبارته لما لم تشمله عبارة أصله ، ويصح جر نحو وهو ظاهر ( وأكثر ذلك ) المذكور ( من الضروريات ) وهي ما لا مندوحة عنه ، وتفسيرها بما يحتاج إليه قاصر فمن ثم فسرها بقوله ( التي لا بد منها ) لمريد الكمال بمعرفة الأشياء على وجهها ، قال الشراح واحترز بذلك عما ليس بضروري بل حسن كزيادة لفظ الطلاق في قوله فإن انقطع لم يحل قبل الغسل غير الصوم والطلاق مع أنه لم يذكره في المحرمات ومع ذكر أصل له في الطلاق ووجه حسنه التنبيه على ما لعله يخفى في محل احتيج إليه فيه .
وفي صحته نظر ؛ لأن المشار إليه بقوله ذلك ليس فيه زيادة مسألة مستقلة وهذا الذي أخرجوه به مسألة مستقلة نظير ولا يتكلم السابقة فلا يصح إخراجه به فالوجه أنه إنما احترز بذلك عن إلحاق الحرف فإنه بعض المشار إليه وهو غير ضروري لكن بقيد كونه لا يتوقف صحة المعنى عليه نعم إن كانت الإشارة لجميع ما مر من النفائس أو المراد بالحرف مطلق الكلمة [ ص: 60 ] ولو بالمعنى اللغوي اتجه ما قالوه كما أنه متجه على جر نحو ( وعلى الله ) لا غيره ( الكريم ) بالنوال قبل السؤال أو مطلقا ومن ثم فسر بأنه الذي عم عطاؤه جميع خلقه بلا سبب منهم وتفسيره بالعفو أو العلي بعيد ( اعتمادي ) بأن يقدرني على إتمامه كما أقدرني على الشروع فيه فإنه لا يرد من اعتمد عليه ، وفي هذا كالذي سبق إيذان بسبق وضع الخطبة ( وإليه ) لا إلى غيره ( تفويضي ) من فوض أمره إليه إذا رده رضا بفعله واعتقادا لكماله ( واستنادي ) في ذلك وغيره فإنه لا يخيب من استند إليه والاعتماد والاستناد يصح أن يدعى ترادفهما ، وأن الاعتماد أخص ولما تم رجاؤه بإجابة سؤاله قدر وقوع مطلوبه .
فقال ( وأسأله النفع به ) أي بتأليفه بنية صالحة ( لي ) في الآخرة إذ لا معول إلا على نفعها ( ولسائر المسلمين ) أي باقيهم أو جميعهم من السؤر أو سور البلد بأن يلهمهم الاعتناء به ولو بمجرد كتابة ونقل ووقف ، ونفعهم يستلزم نفعه ؛ لأنه السبب فيه ( ورضوانه عني وعن أحبائي ) بالتشديد والهمز أي من يحبوني وأحبهم وإن لم يأت زمنهم ؛ لأنه ينبغي أن يحب في الله كل من اتصف بكمال سابقا ولاحقا