وجبريل يأتيه وميكال معهما من الله وحي يشرح الصدر منزل
الثانية كذلك، إلا أنها بفتح الجيم، وهي قراءة ، ابن كثير والحسن، وابن محيصن، قال : لا أحبها، لأنه ليس في الكلام فعليل، وليس بشيء، لأن الأعجمي إذ عربوه قد يلحقونه بأوزانهم كلجام، وقد لا يلحقونه بها كإبريسم، الفراء وجبريل من هذا القبيل، مع أنه سمع سموأل، لطائر، الثالث جبرئيل كسلسبيل، وبها قرأ حمزة ، والكسائي وحماد عن ، عن أبي بكر وهي لغة عاصم، قيس، وتميم، وكثير من أهل نجد، وحكاها ، واختارها الفراء ، وقال : هي أجود اللغات، وقال حسان : الزجاجشهدنا فما يلقى لنا من كتيبة مدى الدهر إلا جبرئيل أمامها
فإنه نزله على قلبك جواب الشرط، إما نيابة أو حقيقة، والمعنى من عاداه منهم، فقد خلع ربقة الإنصاف، أو كفر بما معه من الكتاب بمعاداته إياه، لنزوله عليك بالوحي، لأنه نزل كتابا مصدقا للكتب المتقدمة، أو فالسبب في عداوته أنه نزل عليك، وليس المبتدأ على هذا الأخير محذوفا، و " إنه نزله " خبره، حتى يرد أن الموضع للمفتوحة، بل أن الفاء داخلة على السبب، ووقع جزاء باعتبار الإعلام والإخبار بسببيته، لما قبله، فيؤول المعنى إلى من عاداه، فأعلمكم بأن سبب عداوته كذا، فهو كقولك : إن عاداك فلان فقد آذيته، أي فأخبرك بأن سبب عداوتك أنك آذيته، وقيل : الجزاء محذوف بحيث لا يكون المذكور نائبا، وعنه يقدر مؤخرا عنه، ويكون هو تعليلا وبيانا لسبب العداوة، والمعنى: من عاداه، لأنه نزله على قلبك، فليمت غيظا، أو فهو عدو لي وأنا عدوه، [ ص: 333 ] والقرينة على حذف الثاني الجملة المعترضة المذكورة بعده في وعيدهم، واحتمال أن يكون من كان عدوا إلخ استفهاما للاستبعاد، أو التهديد، ويكون (فإنه) تعليل العداوة، وتقييدا لها، أو تعليل الأمر بالقول مما لا ينبغي أن يرتكب في القرآن العظيم، والضمير الأول البارز لجبريل، والثاني للقرآن، كما يشير إليه الأحوال، لأنها كلها من صفات القرآن ظاهرا، وقيل : الأول لله تعالى، والثاني لجبريل، أي فإن الله نزل جبريل بالقرآن على قلبك، وفي كل من الوجهين إضمار يعود على ما يدل عليه السياق، وفي ذلك من فخامة الشأن ما لا يخفى، ولم يقل سبحانه: عليك، كما في قوله تعالى : ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى بل قال : على قلبك ، لأنه القابل الأول للوحي إن أريد به الروح، ومحل الفهم والحفظ إن أريد به العضو، بناء على نفي الحواس الباطنة، وقيل : كنى بالقلب عن الجملة الإنسانية كما يكنى ببعض الشيء عن كله، وقيل : معنى نزله على قلبك جعل قلبك متصفا بأخلاق القرآن، ومتأدبا بآدابه كما في حديث رضي الله تعالى عنها: عائشة وكان الظاهر أن يقول: على قلبي، لأن القائل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، لكنه حكى ما قال الله تعالى له، وجعل القائل كأنه الله تعالى، لأنه سفير محض بإذن الله، أي بأمره، أو بعلمه، وتمكينه إياه من هذه المنزلة ، أو باختياره، أو بتيسيره وتسهيله، وأصل معنى الإذن في الشيء الإعلام بإجازته، والرخصة فيه، فالمعاني المذكورة كلها مجازية، والعلاقة ظاهرة، والمنتخب كما في المنتخب المعنى الأول، (كان خلقه القرآن، يرضى لرضاه، ويغضب لغضبه)، والمعتزلة لما لم يقولوا بالكلام النفسي، وإسناد الإذن إليه تعالى باعتبار الكلام اللفظي يحتاج إلى تكلف، اقتصر على الوجه الأخير، والقول : إن الإذن بمعنى الأمر إن أريد بالتنزيل معناه الظاهر، وبمعنى التيسير إن أريد به التحفظ، والتفهيم مما لا وجه له. الزمخشري
مصدقا لما بين يديه من الكتب الإلهية التي معظمها التوراة، وانتصاب (مصدقا) على الحال من الضمير المنصوب في (نزله) إن كان عائدا للقرآن، وإن كان لجبريل، فيحتمل وجهين أحدهما أن يكون حالا من المحذوف لفهم المعنى، كما أشرنا إليه، والثاني أن يكون حالا من جبريل، والهاء إما للقرآن، أو لجبريل، فإنه مصدق أيضا لما بين يديه من الرسل والكتب، وهدى وبشرى للمؤمنين معطوفان على (مصدقا) فهما حالان مثله، والتأويل غير خفي، وخص المؤمنين بالذكر لأنه على غيرهم عمى، وقد دلت الآية على تعظيم جبريل، والتنويه بقدره، حيث جعله الواسطة بينه تعالى وبين أشرف خلقه، والمنزل بالكتاب الجامع للأوصاف المذكورة، ودلت على ذم اليهود، حيث أبغضوا من كان بهذه المنزلة العظيمة الرفيعة عند الله تعالى، قيل : وتعلقت الباطنية بهذه الآية، وقالوا : إن القرآن إلهام، والحروف عبارة الرسول صلى الله عليه وسلم، ورد عليهم بأنه معجزة ظاهرة وباطنة، وإن الله تعالى سماه قرآنا وكتابا وعربيا، وإن جبريل نزل به، والملهم لا يحتاج إليه.