وجوز أن يكون منصوبا بمقدر تقديره: أعني، أو أخص، أو أمدح، ونحوه، وأن يكون مفعول يتذكرون وهو كما ترى، غير ذي عوج لا اختلال فيه بوجه من الوجوه، وهو أبلغ من مستقيم، لأن عوجا نكرة، وقعت في سياق النفي لما في غير من معناه، والاستقامة يجوز أن تكون من وجه دون وجه، ونفي مصاحبة العوج عنه يقتضي نفي اتصافه به بالطريق الأولى، فهو أبلغ من غير معوج، والعوج بالكسر يقال فيما يدرك بفكر وبصيرة، والعوج بالفتح يقال فيما يدرك بالحس، وعبر بالأول ليدل على أنه بلغ إلى حد لا يدرك العقل فيه عوجا فضلا عن الحس، وتمام الكلام مر في الكهف. وقيل: المراد بالعوج الشك واللبس، وروي ذلك عن ، وأنشدوا قول الشاعر: مجاهد
[ ص: 262 ]
وقد أتاك يقين غير ذي عوج من الإله وقول غير مكذوب
ولا استدلال به، على أن العوج بمعنى الشك، لأن عوج اليقين هو الشك لا محالة، والقول في وجه الاستدلال أن الشاعر فهم هذا المعنى من الآية، لأنه اقتباس، وإذا فهمه الفصيح مع صحة التجوز كان محملا تعسفا ظاهرا، لأنه لم يتبين أنه اقتبسه منها، ولو سلم يكون محتملا لما يحتمله العوج في النظم الذي لا عوج فيه، وقد يقال: مراد من قال: أي لا لبس فيه، ولا شك نفي بعض أنواع الاختلال، وعلى ذلك ما روي عن من أنه قال: أي غير مضطرب ولا متناقض، وما قيل: أي غير ذي لحن. عثمان بن عفان
وأخرج في مسند الفردوس، عن الديلمي أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: غير ذي عوج غير مخلوق.
ولعله إن صح الخبر تفسير باللازم فتأمل. لعلهم يتقون علة أخرى مترتبة على الأولى.