أخرج : أخبرنا ابن أبي حاتم أبو بدر عباد بن الوليد الغبري فيما كتب إلي قال : سمعت أبا سعيد يعني أحمد بن داود الحداد يقول : لم يقل الله لشيء أنه معه إلا للملائكة يوم بدر، قال : أني معكم بالنصر .
وأخرج عن ابن أبي شيبة قال : لم تقاتل الملائكة إلا يوم مجاهد بدر .
وأخرج ، أبو الشيخ عن وابن مردويه قال : قال لي أبي : يا بني لقد رأيتنا يوم أبي أمامة بن سهل بن حنيف بدر وإن أحدنا ليشير بسيفه إلى رأس المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف .
وأخرج عن ابن مردويه قال : ابن عباس قريش لما خرجوا لينصروا العير ويقاتلوا عليها، نزلوا على الماء يوم بدر فغلبوا المؤمنين عليه، فأصاب [ ص: 60 ] المؤمنين الظمأ، فجعلوا يصلون مجنبين ومحدثين، فألقى الشيطان في قلوب المؤمنين الحزن فقال لهم : أتزعمون أن فيكم النبي وأنكم أولياء الله وقد غلبتم على الماء وأنتم تصلون مجنبين ومحدثين؟! حتى تعاظم ذلك في صدور أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله من السماء ماء حتى سال الوادي، فشرب المؤمنون وملئوا الأسقية وسقوا الركاب واغتسلوا من الجنابة، فجعل الله في ذلك طهورا وثبت أقدامهم، وذلك أنه كانت بينهم وبين القوم رملة فبعث الله المطر عليها فضربها حتى اشتدت وثبت عليها الأقدام، ونفر النبي صلى الله عليه وسلم بجميع المسلمين وهم يومئذ ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا منهم سبعون ومائتان من الأنصار، وسائرهم من المهاجرين، وسيد المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة لكبر سنه، فقال عتبة : يا معشر قريش إني لكم ناصح وعليكم مشفق لا أدخر النصيحة لكم بعد اليوم، وقد بلغتم الذي تريدون وقد نجا فارجعوا وأنتم سالمون، فإن يكن أبو سفيان محمد صادقا فأنتم أسعد الناس بصدقه، وإن يك كاذبا فأنتم أحق من حقن دمه، فالتفت إليه أبو جهل فشتمه وقبح وجهه وقال له : قد امتلأت أحشاؤك رعبا، فقال له عتبة : ستعلم اليوم من الجبان المفسد لقومه .
فنزل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة حتى إذا [ ص: 61 ] كانوا قرب أسنة المسلمين قالوا : ابعثوا إلينا عدتنا منكم نقاتلهم، فقام غلمة من بني الخزرج فأجلسهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : يا بني هاشم أتبعثون إلى إخوتكم - والنبي منكم – غلمة بني الخزرج؟ فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب فمشوا إليهم في الحديد، فقال وعبيدة بن الحارث عتبة : تكلموا نعرفكم فإن تكونوا أكفاءنا نقاتلكم، فقال أنا أسد الله وأسد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له حمزة : عتبة : كفء كريم، فوثب إليه شيبة فاختلفا ضربتين فضربه فقتله، ثم قام حمزة إلى علي بن أبي طالب الوليد بن عتبة فاختلفا ضربتين فضربه رضي الله عنه فقتله، ثم قام علي عبيدة فخرج إليه عتبة فاختلفا ضربتين فجرح كل واحد منهما صاحبه وكر على حمزة عتبة فقتله، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اللهم ربنا أنزلت علي الكتاب وأمرتني بالقتال ووعدتني النصر ولا تخلف الميعاد فأتاه جبريل فأنزل عليه : ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين [آل عمران : 124] فأوحى الله إلى الملائكة : أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان فقتل أبو جهل في تسعة وستين رجلا، وأسر عقبة بن أبي معيط، فقتل صبرا فوفى ذلك سبعين وأسر سبعون . إن المشركين من
[ ص: 62 ] وأخرج ابن مردويه في الدلائل، عن بعض والبيهقي بني ساعدة قال : سمعت بعدما أصيب بصره يقول : لو كنت معكم أبا أسيد مالك بن ربيعة ببدر الآن ومعي بصري لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه الملائكة، لا أشك ولا أتمارى، فلما نزلت الملائكة ورآها إبليس وأوحى الله إليهم : أني معكم فثبتوا الذين آمنوا . وتثبيتهم أن الملائكة تأتي الرجل في صورة الرجل يعرفه فيقول : أبشروا فإنهم ليسوا بشيء والله معكم كروا عليهم . فلما رأى إبليس الملائكة نكص على عقبيه وقال : إني بريء منكم . وهو في صورة سراقة، وأقبل أبو جهل يحضض أصحابه ويقول : لا يهولنكم خذلان سراقة إياكم، فإنه كان على موعد من محمد وأصحابه ثم قال : واللات والعزى لا نرجع حتى نقرن محمدا وأصحابه في الحبال فلا تقتلوا وخذوهم أخذا .
وأخرج في الدلائل من طريق البيهقي عن عكرمة قال : ابن عباس يقول : والله لينصرنك الله وليبيضن وجهك فأنزل الله عز وجل ألفا من الملائكة مردفين عند أكتاف العدو، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبشر يا وأبو بكر هذا أبا بكر جبريل معتجر بعمامة صفراء آخذ بعنان فرسه بين السماء والأرض، فلما نزل إلى الأرض تغيب [ ص: 63 ] عني ساعة، ثم طلع على ثناياه النقع يقول : أتاك نصر الله إذ دعوته . لما حضر القتال ورسول الله صلى الله عليه وسلم رافع يديه يسأل الله النصر ويقول : اللهم إن ظهروا على هذه العصابة ظهر الشرك ولا يقوم لك دين
وأخرج عن ابن أبي حاتم قال : كان الناس يوم الربيع بن أنس بدر يعرفون قتلى الملائكة ممن قتلوهم بضرب على الأعناق وعلى البنان مثل سمة النار قد أحرق به .
وأخرج ، ابن جرير عن وابن أبي حاتم في قوله : عكرمة فاضربوا فوق الأعناق يقول : الرؤوس .
وأخرج ، ابن جرير عن وابن المنذر عطية في قوله : فاضربوا فوق الأعناق قال : اضربوا الأعناق .
وأخرج ، ابن جرير وابن أبي حاتم عن وأبو الشيخ في قوله : الضحاك فاضربوا فوق الأعناق يقول : اضربوا الرقاب .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر عن وابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس واضربوا منهم كل بنان قال : يعني بالبنان الأطراف .
[ ص: 64 ] وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن وأبو الشيخ عطية في قوله : واضربوا منهم كل بنان قال : كل مفصل .
وأخرج عن ابن أبي حاتم في قوله : الأوزاعي واضربوا منهم كل بنان قال : اضرب منه الوجه والعين وارمه بشهاب من نار .
وأخرج عن الطستي أن ابن عباس نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى : واضربوا منهم كل بنان قال : أطراف الأصابع وبلغة هذيل الجسد كله، قال : فأنشدني في كلتيهما قال : نعم أما أطراف الأصابع فقول عنترة العبسي :
فنعم فوارس الهيجاء قومي إذا علق الأعنة بالبنان
وقال الهذلي في الجسد :لها أسد شاكي البنان مقذف له لبد أظفاره لم تقلم
وأخرج ، عبد بن حميد عن وابن مردويه أبي داود المازني قال : بينا أنا أتبع [ ص: 65 ] رجلا من المشركين يوم بدر فأهويت إليه بسيفي فوقع رأسه قبل أن يصل سيفي إليه، فعرفت أن قد قتله غيري .
وأخرج عن عبد بن حميد : قتادة فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان قال : ما وقعت يومئذ ضربة إلا برأس أو وجه أو مفصل .