[ ص: 57 ] كتاب الطهارة
الكتاب لغة مشتق من الكتب وهو الضم والجمع ، يقال كتب كتبا وكتابة وكتابا ومثله الكثب بالمثلثة . وقال أبو حيان وغيره : إنه غير صحيح ; لأن المصدر لا يشتق من المصدر . وأجيب بأنهم لم يريدوا الاشتقاق الأصغر ، وهو رد لفظ إلى آخر لمناسبة بينهما في المعنى ، والحروف الأصلية ، وإنما أرادوا الأكبر ، وهو اشتقاق الشيء مما يناسبه مطلقا سواء أوافقت حروفه حروفه أم لا كما في الثلم والثلب ، [ ص: 58 ] وقد ذكروا أن البيع مشتق من مد الباع مع أنه يائي والباع واوي ، وأن الصداق مشتق من الصدق بفتح الصاد وهو الشيء الصلب ; لأنه أشبهه في قوته وصلابته انتهى .
ويرد الاعتراض ما صرح به السعد التفتازاني بقوله : واعلم أن مرادنا بالمصدر هو المصدر المجرد ; لأن المزيد فيه مشتق منه لموافقته إياه بحروفه ومعناه ا هـ واصطلاحا : اسم لضم مخصوص أولجملة مختصة من العلم مشتملة على أبواب وفصول غالبا فهو إما مصدر لكن لضم مخصوص أو اسم مفعول بمعنى المكتوب أو اسم فاعل بمعنى الجامع للطهارة وقد افتتح الأئمة كتبهم بالطهارة لخبر { } مع افتتاحه صلى الله عليه وسلم ذكر شعائر الإسلام بعد الشهادتين المبحوث عنهما في علم الكلام بالصلاة كما سيأتي ولكونها أعظم شروط الصلاة التي قدموها على غيرها ; لأنها مفتاح الصلاة الطهور والشرط مقدم على المشروط طبعا فقدم عليه وضعا ، ولا شك أن أحكام الشرع إما أن تتعلق بعبادة أو بمعاملة أو بمناكحة أو بجناية ; لأن الغرض [ ص: 59 ] من البعثة نظم أحوال العباد في المعاد والمعاش ، وانتظامها إنما يحصل بكمال قواهم النطقية والشهوية والغضبية ، فما يبحث عنه في الفقه إن تعلق بكمال النطقية فالعبادة إذ بها كمالها أو بكمال الشهوية ، فإن تعلق بالأكل ونحوه فالمعاملة أو بالوطء ونحوه فالمناكحة أو بكمال الغضبية فالجناية ، وأهمها العبادة لتعلقها بالأشرف ، ثم المعاملة لشدة الحاجة إليها ; ثم المناكحة ; لأنها دونها في الحاجة ، ثم الجناية لقلة وقوعها بالنسبة لما قبلها ، فرتبوها على هذا الترتيب ورتبوا العبادة بعد الشهادتين على ترتيب خبر الصحيحين { أفضل عبادات البدن بعد الإيمان محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت } واختاروا هذه الرواية على رواية تقديم الحج على الصوم ; لأن الصوم أعم وجوبا لوجوبه على الفور ولتكرره في كل عام . بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن
والطهارة مصدر طهر بفتح الهاء وضمها والفتح أفصح يطهر بضمها فيهما ، وهي لغة : النظافة والخلوص من الأدناس حسية كانت كالأنجاس أو معنوية كالعيوب ، وشرعا : [ ص: 60 ] زوال المنع المترتب على الحدث أو الخبث أو الفعل الموضوع لإفادة ذلك أو لإفادة بعض آثاره ، كالتيمم فإنه يفيد جواز الصلاة الذي هو من آثار ذلك ، فهي قسمان ، ولهذا عرفها النووي وغيره باعتبار القسم الثاني بأنها رفع حدث أو إزالة نجس أو ما في معناهما وعلى صورتهما ، كالتيمم والأغسال المسنونة وتجديد الوضوء والغسلة الثانية والثالثة . ، فالعينية ما لا تجاوز محل حلول موجبها كغسل الخبث ، والحكمية ما تجاوز ذلك كالوضوء وتنقسم الطهارة إلى عينية وحكمية