( قال ) وإذا الشافعي أو قد عفوت عنه أو قد تركت الاقتصاص منه أو قال القاتل : اعف عني فقال قد عفوت عنك فقد بطل القصاص عنه وهو على حقه من الدية وإن أحب أن يأخذه به أخذه ; لأن عفوه عن القصاص غير عفوه عن المال إنما هو عفو أحد الأمرين دون الآخر قال الله تعالى { كان للدم وليان فحكم لهما بالقصاص أو لم يحكم حتى قال أحدهما : قد عفوت القتل لله فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } يعني من عفي له [ ص: 14 ] عن القصاص .
( قال ) ولو الشافعي لم يكن له قصاص ولم يكن له نصيب من الدية ولو قال قد عفوت ما لزمك لي لم يكن هذا عفوا للدية وكان عفوا للقصاص وإنما كان عفوا للقصاص دون المال ولم يكن عفوا للمال دون القصاص ولا لهما ; لأن الله عز وجل حكم بالقصاص ، ثم قال { قال قد عفوت عنك القصاص والدية فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف } فاعلم أن العفو مطلقا إنما هو ترك القصاص ; لأنه أعظم الأمرين وحكم بأن يتبع بالمعروف يؤدي إليه المعفو له بإحسان وقوله ما يلزمك لي على القصاص اللازم كان له وهو محكوم عليه إذا عفي له عن القصاص بأن يؤدي إليه الدية حتى يعفوها صاحبها ولو لم يكن هذا عفوا له عن القصاص ; لأنه ما كان مقيما على القصاص فالقصاص له دون الدية وهو لا يأخذ القصاص والدية ، وكذلك لو قال قد عفوت عنك الدية فإن له أخذ الدية ; لأنه عفا عنها وليست له إنما تكون له بعد عفوه عن القصاص ، وإن عفا الولي عن الدية والقصاص وعليه دين جاز عفوه ، ولو عفاهما في مرضه الذي مات فيه كان عفوه جائزا وكان عفوه حصته من الدية وصية . قال قد عفوت عن الدية ، ثم مات القاتل
( قال ) ولو الشافعي لم يكن للباقي إلا الدية ، وإن كان محجورا فعفاها فعفوه باطل وليس لوليه إلا أخذها من القاتل ، ولو عفاها وليه كان عفوه باطلا ، وكذلك لو صالح وليه منها على شيء ليس بنظر له لم يجز له من ذلك إلا ما يجوز له من البيع والشراء عليه على وجه النظر . كان للمقتول وليان فعفا أحدهما القصاص