الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن سكن بزوجته في مسكن تملكه أو اكترته أو عند أصهاره أو أبويه

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن بنى بزوجته في دارها ثم طلبته بالكراء عن سكناه: لا شيء لها. يريد: لأن العادة أن ذلك على وجه المكارمة.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانت فيه بكراء وهو وجيبة، فقال ابن القاسم: لا شيء لها وهو بمنزلة منزلها. وقال غيره: ذلك لها وعليه الأقل مما اكترت به أو كراء مثل ذلك المسكن.

                                                                                                                                                                                        والأول أبين إذا كانت نقدت، فإن لم تكن نقدت، كان الأمر مشكلا هل أسكنته ليكون هو الذي يدفع أو هي؟ وأرى أن تحلف أنها لم تسكنه إلا ليدفع هو ذلك الكراء، ثم يكون عليه الأقل من ثلاثة أوجه: من المسمى، أو كراء المثل في ذلك المسكن، أو كراء المثل فيما كان يحكم به عليه أن يسكنها إياه إذا كان ذلك المسكن فوق ما يحكم به عليه، إلا أن تكون قد أدت الكراء في تلك الشهور ثم كلمته بعد ذلك فيضعف كلامها عند قيامها، وإن كان قيامها عند شر حدث، كان ذلك أبين ألا شيء لها. [ ص: 5063 ]

                                                                                                                                                                                        وإن كان الكراء مشاهرة ولم تنقد، كان القول قولها. وكل هذا إذا كانت العصمة باقية، فإن طلقها زال موضع المكارمة وكان لها أن تطلبه بكراء العدة، وسواء كانت في منزل تملكه أو بكراء وجيبة أو مشاهرة، نقدت أو لم تنقد، إلا أن له مقالا إذا كانت في مسكن فيه فضل عما كان يحكم به عليه; لأنه يقول: إنما أغرم عما كان يلزمني أن أسكنها فيه، ولو كنت ألزم بالكراء لم أسكن في هذا المسكن.

                                                                                                                                                                                        وإن كان يسكن بها في مسكن لأبيها أو لأمها، كان كمسكنها لا شيء لها عن مدة كانت في العصمة; لأن العادة جارية أن ذلك على وجه المكارمة ولا يطلب أحد ذلك إلا عندما يكون من الاختلاف والمقابحة.

                                                                                                                                                                                        فأما الأخ والعم فالأمر فيهما مشكل، فيحلف ويستحق، إلا أن تطول المدة والسنون وهو لا يتكلم على ذلك فلا شيء له. ومثله إذا سكن بزوجته عند أبويه ثم طلبا الكراء، فلا شيء لهما وذلك لأخيه وعمه، إلا أن يقوم دليل أن ذلك على وجه المكارمة. [ ص: 5064 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية