الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الدعوى على الصناع، وما يراعى في الوديعة]

                                                                                                                                                                                        وإن ادعى على صانع فأنكر، كان له أن يحلفه فيما يكون من صنعته، إذا ادعى ما يشبه أن يتجر به، أو لباسه أو لباس أهله وإلا لم يحلفه، ويراعى في الوديعة ثلاثة: أن يكون المدعي يملك مثل ذلك، في جنسه وقدره ويكون حكمه هناك ما يوجب الإيداع، والمدعى عليه ممن يودع عنده مثل ذلك، فليس الغالب من المقيم في بلده أن يخرج ماله من داره فيودعه إلا لسبب خوف طلب سلطان أو عند سفر، أو يكون ذاهبا إلى موضع، فيقول: تركت كيسي عندك.

                                                                                                                                                                                        وأما الطارئ فيشبه أن يكون يودع مع الإقامة; لأنه ينزل في المواضع [ ص: 5483 ] التي يخشى على ماله إذا انصرف عنه، وإن ادعى غصبا أو تعديا لم يحلفه، إلا أن يكون المدعى عليه ممن يشبه ذلك، والمدعى فيه مما يشبه كسب المدعي، وإن ادعى استهلاك شيء خطأ أو غلطا حلفه، من غير مراعاة لحال المدعى عليه، وإن ادعى رسالة أرسلت إليه لم يحلفه، إلا أن يثبت أن الغائب ادعى الإرسال معه، بشاهدين أو بشاهد أو بكتاب، يثبت أنه من قبله أو بسماع بين، ويكون ذلك الشيء مما يشبه أن يرسله الغائب مع هذا، والرسالة ملكا للمرسل إليه، أو يكون وكيلا مفوضا إليه، وإلا لم يحلفه; لأنه لم يوكل على الخصومة ولا على اليمين.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك -في المدونة في رجلين اشتريا سلعة، فقال أحدهما للبائع: دفعت نصيبي من الثمن لشريكي ثم غاب وأنكر الشريك-: قال: لا أرى هذا خلطة ولا يمين عليه. فراعى في هذه الدعوى الخلطة وهي دعوى أمانة، والأصل في مثل هذا مراعاة الشبه.

                                                                                                                                                                                        وقال -في امرأة ادعت أن رجلا استكرهها-: تجلد الحد إن كان ممن لا يشار إليه بالفسق، وإن كان ممن يشار إليه بالفسق نظر السلطان في ذلك. وقد مضى ذكر ذلك في كتاب إرخاء الستور. وإن ادعت امرأة على زوجها أنه طلقها، أو عبد على سيده أنه أعتقه، لم يحلف إلا أن يشهد بذلك شاهد.

                                                                                                                                                                                        وقال [ ص: 5484 ] أشهب -في مدونته-: لا يحلف الزوج إلا أن يكون لدعواها وجه تهمة فيحلف. يريد: مثل حدوث شراء والرجل يسرع إلى الأيمان بالطلاق، أو يعلم منه كراهة لها، وقد مضى في كتاب أمهات الأولاد ذكر الأمة تدعي أنها ولدت من سيدها.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية