القول في يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : يأمر هذا النبي الأمي أتباعه بالمعروف وهو الإيمان بالله ولزوم طاعته فيما أمر ونهى ، فذلك "المعروف" الذي يأمرهم به " وينهاهم عن المنكر " وهو الشرك بالله ، والانتهاء عما نهاهم الله عنه . وقوله : " ويحل لهم الطيبات " ، وذلك ما كانت الجاهلية تحرمه من البحائر والسوائب والوصائل والحوامي " ويحرم عليهم الخبائث " ، وذلك لحم الخنزير والربا وما كانوا يستحلونه من المطاعم والمشارب التي حرمها الله ، كما : - [ ص: 166 ]
15229 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " ويحرم عليهم الخبائث " ، وهو لحم الخنزير والربا ، وما كانوا يستحلونه من المحرمات من المآكل التي حرمها الله .
وأما قوله : " ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم " ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله .
فقال بعضهم : يعني ب"الإصر" ، العهد والميثاق الذي كان أخذه على بني إسرائيل بالعمل بما في التوراة .
ذكر من قال ذلك :
15230 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جابر بن نوح ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : " ويضع عنهم إصرهم " ، قال : عهدهم .
15231 - . . . قال حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : عهدهم .
15232 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن علي قال ، أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، مثله .
15233 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا يحيى بن يمان ، عن مبارك ، عن الحسن : " ويضع عنهم إصرهم " ، قال : العهود التي أعطوها من أنفسهم .
15234 - . . . . قال ، حدثنا ابن نمير ، عن موسى بن قيس ، عن مجاهد : " ويضع عنهم إصرهم " ، قال : عهدهم .
15235 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن : " السدي ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم " ، يقول : يضع عنهم عهودهم ومواثيقهم التي أخذت عليهم في التوراة والإنجيل . [ ص: 167 ]
15236 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم " ، ما كان الله أخذ عليهم من الميثاق فيما حرم عليهم . يقول : يضع ذلك عنهم .
وقال بعضهم : عني بذلك أنه يضع عمن اتبع نبي الله صلى الله عليه وسلم ، التشديد الذي كان على بني إسرائيل في دينهم .
ذكر من قال ذلك :
15237 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : " ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم " ، فجاء محمد صلى الله عليه وسلم بإقالة منه وتجاوز عنه .
15238 - حدثني المثنى قال حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد : " ويضع عنهم إصرهم " ، قال : البول ونحوه ، مما غلظ على بني إسرائيل .
15239 - . . . . قال ، حدثنا الحماني قال ، حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد قال : شدة العمل .
15240 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن قال ، قال ابن جريج مجاهد قوله : " ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم " قال : من اتبع محمدا ودينه من أهل الكتاب ، وضع عنهم ما كان عليهم من التشديد في دينهم .
15241 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن فضيل ، عن أشعث ، عن ابن سيرين قال : قال أبو هريرة : ما علينا في الدين من حرج أن نزني ونسرق؟ قال : بلى! ولكن الإصر الذي كان على لابن عباس بني إسرائيل وضع عنكم . [ ص: 168 ]
15242 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : " ويضع عنهم إصرهم " ، قال : إصرهم الذي جعله عليهم .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن "الإصر" هو العهد وقد بينا ذلك بشواهده في موضع غير هذا بما فيه الكفاية وأن معنى الكلام : ويضع النبي الأمي العهد الذي كان الله أخذ على بني إسرائيل ، من إقامة التوراة والعمل بما فيها من الأعمال الشديدة ، كقطع الجلد من البول ، وتحريم الغنائم ، ونحو ذلك من الأعمال التي كانت عليهم مفروضة ، فنسخها حكم القرآن .
وأما "الأغلال التي كانت عليهم" ، فكان ابن زيد يقول بما : -
15243 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب ، عنه في قوله : " والأغلال التي كانت عليهم " ، قال : "الأغلال" ، وقرأ ( غلت أيديهم ) [ سورة المائدة : 64 ] . قال : تلك الأغلال . قال : ودعاهم إلى أن يؤمنوا بالنبي فيضع ذلك عنهم .