قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره في وصفه وعيبه ما يشرك هؤلاء المشركون في عبادتهم ربهم إياه : ومن صفته أنكم ، أيها الناس ، إن تدعوهم إلى الطريق المستقيم ، والأمر الصحيح السديد لا يتبعوكم ، لأنها ليست تعقل شيئا ، فتترك من الطرق ما كان عن القصد منعدلا جائرا ، وتركب ما كان مستقيما سديدا .
وإنما أراد الله جل ثناؤه بوصف آلهتهم بذلك من صفتها ، تنبيههم على عظيم خطئهم ، وقبح اختيارهم . يقول جل ثناؤه : فكيف يهديكم إلى الرشاد من إن دعي إلى الرشاد وعرفه لم يعرفه ، ولم يفهم رشادا من ضلال ، وكان سواء دعاء داعيه إلى الرشاد وسكوته ، لأنه لا يفهم دعاءه ، ولا يسمع صوته ، ولا يعقل ما يقال له . يقول : فكيف يعبد من كانت هذه صفته ، أم كيف يشكل عظيم جهل من اتخذ ما هذه صفته إلها ؟ وإنما الرب المعبود هو النافع من يعبده ، الضار من يعصيه ، الناصر وليه ، الخاذل عدوه ، الهادي إلى الرشاد من أطاعه ، السامع دعاء من دعاه .
وقيل : ( سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ) ، فعطف بقوله : " صامتون " ، وهو اسم على قوله : " أدعوتموهم " ، وهو فعل ماض ، ولم يقل : أم صمتم ، كما قال الشاعر : [ ص: 321 ]
سواء عليك النفر أم بت ليلة بأهل القباب من نمير بن عامر
وقد ينشد : " أم أنت بائت " .