[ ص: 90 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه ( 37 ) )
قال أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : ما ينبغي لهذا القرآن أن يفترى من دون الله ، يقول : ما ينبغي له أن يتخرصه أحد من عند غير الله . وذلك نظير قوله : ( وما كان لنبي أن يغل ) [ سورة آل عمران : 161 ] ، بمعنى : ما ينبغي لنبي أن يغله أصحابه .
وإنما هذا خبر من الله جل ثناؤه أن هذا القرآن من عنده أنزله إلى محمد عبده ، وتكذيب منه للمشركين الذين قالوا : " هو شعر وكهانة " والذين قالوا : " إنما يتعلمه محمد من يحنس الرومي " .
يقول لهم جل ثناؤه : ما كان هذا القرآن ليختلقه أحد من عند غير الله ، لأن ذلك لا يقدر عليه أحد من الخلق ( ولكن تصديق الذي بين يديه ) ، أي : يقول ، تعالى ذكره : ولكنه من عند الله أنزله مصدقا لما بين يديه ، أي لما قبله من الكتب التي أنزلت على أنبياء الله ، كالتوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله التي أنزلها على أنبيائه ( وتفصيل الكتاب ) يقول : وتبيان الكتاب الذي كتبه الله على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وفرائضه التي فرضها عليهم في [ ص: 91 ] السابق من علمه يقول : ( لا ريب فيه ) لا شك فيه أنه تصديق الذي بين يديه من الكتاب وتفصيل الكتاب من عند رب العالمين ، لا افتراء من عند غيره ولا اختلاق .