ذكر من توفي فيها من السادة الأعيان
السيد الحميري الشاعر الرافضي إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة ، أبو هاشم الحميري الملقب بالسيد ، كان من الشعراء المشهورين ، والمبرزين في هذه الصناعة المفوهين ، ولكنه كان رافضيا خبيثا ، وشيعيا غثيثا ، كان ممن يشرب الخمر ، ويقول بالرجعة ، أي بالدور .
قال يوما لرجل : أقرضني دينارا ، ولك عندي مائة دينار إذا عدنا إلى الدنيا . فقال له الرجل : إني أخشى أن تعود كلبا أو خنزيرا ، فيذهب مالي .
وكان ، قبحه الله ، يسب الصحابة في شعره ويشتم الخيرة .
قال الأصمعي : ولولا ذلك ما قدمت عليه أحدا في طبقته . ولا سيما الشيخين وابنيهما ، رضي الله عنهم ، ولعنه وأسحقه وأبعده .
[ ص: 599 ] وقد أورد شيئا من شعره في ذلك كرهت كتابته ، وقد اسود وجهه قبل موته وأصابه كرب شديد جدا . ولما مات لم يدفنوه; لسبه الصحابة ، رضي الله عنهم . ابن الجوزي
حماد بن زيد
حماد بن زيد أحد أئمة الحديث . وخالد بن عبد الله الطحان ، من سادات المسلمين ، وشرى نفسه من الله أربع مرات . وفيها توفي
الإمام . ومالك بن أنس صاحب والهقل بن زياد الأوزاعي ، وأبو الأحوص . وكلهم ذكرناهم في كتابنا " التكميل " بما فيه مقنع وكفاية بما يغني عن ذكرهم هاهنا ، ولكن الإمام مالك هو أشهرهم ، فإنه أحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة .
الإمام مالك
فهو وهو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث ، ذو أصبح الحميري ، أبو عبد الله [ ص: 600 ] المدني ، إمام دار الهجرة في زمانه .
روى عن غير واحد من التابعين ، وحدث عنه خلق من الأئمة ، منهم; السفيانان ، وشعبة ، وابن المبارك ، والأوزاعي ، وابن مهدي ، وابن جريج ، والليث والشافعي ، شيخه ، والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وهو شيخه ، ويحيى بن سعيد القطان ، ويحيى بن يحيى الأندلسي ، ويحيى بن يحيى النيسابوري .
قال : أصح الأسانيد : البخاري مالك عن نافع عن ابن عمر .
وقال سفيان بن عيينة : ما كان أشد انتقاده للرجال!
وقال كل من روى عنه يحيى بن معين : مالك فهو ثقة ، إلا أبا أمية .
وقال غير واحد : هو أثبت أصحاب نافع . والزهري
وقال : إذا جاء الحديث الشافعي فمالك النجم .
وقال أيضا : من أراد الحديث فهو عيال على مالك .
[ ص: 601 ] ومناقبه وفضائله كثيرة جدا ، وثناء الأئمة عليه أكثر من أن يحصر في هذا المكان .
قال أبو مصعب : سمعت يقول : ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك . مالكا
وكان إذا أراد التحديث تنظف وتطيب ، ولبس أحسن ثيابه ، وكان يلبس حسنا . وكان نقش خاتمه : حسبي= الله ونعم الوكيل .
وكان إذا دخل منزله يقول : ما شاء الله ولا قوة إلا بالله . وكان منزله مبسوطا بأنواع الفرش . ومن وقت خروج محمد بن عبد الله بن حسن لزم مالك بيته ، فلم يكن يتردد إلى أحد لا لعزاء ولا لهناء ، حتى قيل : ولا يخرج إلى جماعة ولا جمعة . ويقول : ما كل ما =يعلم يقال ، وليس كل أحد يقدر على الاعتذار . ولما احتضر رحمه الله شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ثم جعل يقول : لله الأمر من قبل ومن بعد . ثم قبض في ليلة أربعة عشر من صفر ، وقيل : من ربيع الأول . من هذه السنة ، وله خمس وثمانون سنة .
قال الواقدي : بلغ تسعين سنة . ودفن بالبقيع رحمه الله . وقد روى الترمذي ، من حديث سفيان بن عيينة ، عن عن ابن جريج ، عن [ ص: 602 ] أبي الزبير ، أبي صالح ، عن رواية : " أبي هريرة المدينة " . ثم قال : هذا حديث حسن وهو حديث يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحدا أعلم من عالم ابن عيينة ، وقد روي عنه أنه قال : هو مالك بن أنس وكذا قال عبد الرزاق . وعن ابن عيينة رواية أنه عبد العزيز بن عبد الله العمري . وقد ترجمه القاضي ابن خلكان في " الوفيات " فأطنب وأتى بفوائد جمة .