وممن توفي فيها من الأعيان :
أحمد بن الحسين بن مهران ، أبو بكر المقرئ
وكانت وفاته في شوال منها عن ست وثمانين سنة ، واتفق له أنه مات في يوم وفاته أبو الحسن العامري الفيلسوف ، فرأى بعض الصالحين أحمد بن الحسين هذا في المنام ، فقال له : يا أستاذ ، أي شيء فعل الله بك ؟ فقال : أقام أبا الحسن العامري إلى جانبي ، وقال : هذا فداؤك من النار .
الله بن أحمد بن معروف ، أبو محمد قاضي القضاة [ ص: 441 ] ب عبيد بغداد روى عن ابن صاعد وعنه الخلال والأزهري وغيرهما ، وكان من العلماء الثقات الألباء العقلاء الفطناء ، حسن الشكل ، جميل الملبس عفيفا عن الأموال ، وكان عمره يوم توفي عن خمس وسبعين سنة ، وصلى عليه أبو أحمد الموسوي ، فكبر عليه خمسا ، ثم صلى عليه ابنه بجامع المنصور ، فكبر عليه أربعا ، ثم دفن في داره ، رحمه الله تعالى .
جوهر بن عبد الله القائد
باني القاهرة المعزية ، أصله رومي ، ويعرف بالكاتب ، أرسله مولاه المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي المدعي أنه فاطمي من إفريقية لأخذ مصر عند اضطراب جيشها بعد موت فأقاموا عليهم كافور الإخشيدي أحمد بن علي بن الإخشيد ، فلم يجتمعوا عليه ، فأرسل بعضهم إلى المعز يستنجد به ، فأرسل مولاه جوهرا هذا في ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ، فوصل إلى القاهرة في شعبان منها في مائة ألف مقاتل ، ومعه من الأموال ألف ومائتا صندوق لينفقه في ذلك ، فانزعج الناس وأرسلوا يطلبون منه الأمان فأمنهم ، فلم يرض الجيش بذلك ، وبرزوا لقتاله فكسرهم ، وجدد الأمان لأهلها ، ودخلها يوم الثلاثاء لثمان عشرة خلت من شعبان ، فشق مصر ، ونزل في مكان القاهرة اليوم ، وأسس من ليلته القصرين ، وخطب يوم الجمعة الآتية ، فقطع خطبة بني العباس وعوض بمولاه ، وذكر الأئمة الاثني عشر ، وأذن بحي على خير العمل ، وكان يظهر الإحسان إلى الناس ، ويجلس كل يوم سبت مع الوزير جعفر بن الفرات والقاضي ، واجتهد في تكميل القاهرة وفرغ من [ ص: 442 ] جامعها سريعا ، وخطب به في سنة إحدى وستين ، وهو الذي يقال له : جامع الأزهر ، ثم أرسل جعفر بن فلاح إلى الشام فأخذها للمعز ، وقدم مولاه المعز في سنة ثنتين وستين كما تقدم ، فنزل بالقصرين ، ولم تزل منزلته عالية عنده ، ثم كانت وفاته في هذه السنة ، وقام في منصبه وعظمته ابنه الحسين الذي كان يقال له : قائد القواد ، وهو أكبر أمراء الحاكم بن العزيز بن المعز ، ثم كان قتله على يديه في سنة إحدى وأربعمائة ، وقتل معه صهره زوج أخته القاضي عبد العزيز بن النعمان ، وأظن هذا القاضي هو مصنف كتاب " البلاغ الأكبر والناموس الأعظم " الذي فيه من الكفر ما لم يصل إبليس إلى مثله ، وقد رد على هذا الكتاب القاضي ، رحمه الله . أبو بكر الباقلاني