يعتبر الساموراي الياباني (ربوبتشي ميتا) أو كما يُعرف بعد إعلان إسلامه (عمر ميتا) أول مسلم ياباني ترجم معاني القرآن الكريم إلى اللغة اليابانية.
ولد (عمر ميتا) لعائلة ساموراية بوذية عريقة سنة (1882م) تخرج من الكلية التجارية من جامعة (ياماغوتشي) سنة (1916م) وبسبب بعض المشاكل الصحة التي كان يعاني منها سافر إلى الصين طلباً للعلاج، وهناك تعرف على بعض المسلمين الصينيين، وأعجب بأسلوب حياتهم، وطبيعة مناهجهم، ما دفعه لكتابة مقاله (الإسلام في الصين) للمجلة اليابانية الشهيرة (Toa keizai kenkyu) وفي فترة لاحقة قابل الحاج (عمر ياماكونا) وهو أول ياباني مسلم أدى فريضة الحج، الذي كان ينتقل بين الجزر اليابانية داعياً إلى الله على بصيرة. بعدها أعلن (عمر ميتا) إسلامه، وكان ذلك سنة (1941م) وبدأ تعلم اللغة العربية، وكرس حياته كلها للإسلام.
شرع (عمر ميتا) بترجمة معاني القرآن سنة (1960م) وأنهى ترجمته بعد أن بذل جهداً مضنياً سنة (1972) حيث كان المسلم الأسبق إلى ذلك، علماً أن أربعة من أعمال ترجمة القرآن الكريم إلى اليابانية قد سبقته، بيد أنها كانت أعمالاً قام بها مترجمون غير مسلمين؛ حيث إنها لم تستوف معاني الآيات كترجمة (عمر ميتا). التي انصهرت مع إيمانه بهذا الكتاب. وتم نشر هذه الترجمة من قبل شركة (Takumi Kobo) للنشر في مدينة هيروشيما اليابانية. وتوفي (عمر ميتا) بعد عامين من نشر ترجمته للقرآن الكريم.
وبعيداً عن ترجمة (عمر ميتا) تفيد بعض المصادر المتابعة لشأن ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة اليابانية أنه قد تمت ترجمة معاني القرآن الكريم الى اللغة اليابانية ثلاثة عشر مرة بجهد بذله اثنا عشر مترجماً مسلماً وغير مسلم، وتم طبع العديد من هذه الترجمات ونشرها في اليابان.
وتفيد تلك المصادر أن أول ترجمة من القرآن الكريم الى اللغة اليابانية، قام بها شخص اسمه (ساكاموتو ري سيو كن ايتشي) وقد تم نشر هذه الترجمة سنة (1920م) في مجلدين ضمن موسوعة "كليات الكتب المقدسة" التي نُشرت آنذاك في خمسة عشر مجلداً من قِبَل دار نشر (جمعية النشر وتوزيع الكتب المقدسة في العالم) وتضمن المجلد الأول للترجمة (419) صفحة، في حين تضمن المجلد الثاني (428) صفحة. ومما يؤخذ على هذه الترجمة أن صاحبها اعتمد في ترجمته على الترجمة الإنجليزية، الأمر الذي حال دون تطرقه إلى معنى المفردة القرآنية، وتوضيحها إلى القارئ الياباني. وهذه الترجمة وإن كانت لم تستوفِ شروط الترجمة المعتبرة عند أهل العلم من المسلمين، ولا سيما أن من قام بها من غير المسلمين، غير أنها أسست أرضية مناسبة للترجمات التالية، وعرَّفت الإنسان الياباني عموماً، والمفكر الياباني خصوصاً على الإسلام.
والترجمة الثانية للقرآن الكريم التي صدرت باللغة اليابانية، قام بها ثلاثة علماء: (آريكا آماد) و(تاكاهاشي كورو) و(ياما كوتشي ميزوه) واعتمدت هذه الترجمة أيضاً على الترجمة الإنجليزية لمعاني القرآن. وقد طُبعت هذه الترجمة تحت اسم (Sei-Koran-Kyo) سنة (1938م) وقامت بنشرها دار نشر (جمعية نشر وتوزيع الكتب المقدسة في العالم) في مجلد واحد في اليابان، تزامناً مع بناء مسجد طوكيو.
والترجمة الثالثة قام بها (أوكوبو كوجي) الذي بذل حياته في سبيل دراسة الإسلام، ترجم السور الثلاث الأولى من القرآن الكريم، وطبعتها دار نشر مركز البحوث القرآنية.
وثمة عالم لغوي ياباني اسمه (توشيهيكو إيزوتسو) وهو مؤلف كتاب (الله والإنسان في القرآن: علم دلالة الرؤية القرآنية للعالم) كرس حياته لتعلم لغات العالم، وكان يجيد أكثر من ثلاثين لغة، بينها العربية، وكان يتمتع بذاكرة قوية، وقدرة استيعابية غير عادية، قام بترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة اليابانية، واستغرق عمله هذا مدة سبع سنوات، امتدت من سنة (1951م) إلى (1958م) وترجمته لا تزال تشتهر بدقتها اللغوية، وتُستخدم على نطاق واسع في الأعمال العلمية.
والجدير بالذكر في هذا السياق، أن مَجْمَع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمملكة العربية السعودية، قام مؤخراً بإصدار نسخ لمعاني القرآن الكريم مترجمة إلى اللغة اليابانية.