الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أثار الرهاب الاجتماعي والوسواس، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

كنت أعاني من رهاب اجتماعي منذ الصغر، وكنت لا أستطيع أن أكلم شخصين يجلسان مع بعضهما! ولا أستطيع أن أدخل حفل زفاف.

الحمد لله تخطيت هذين الأمرين، ولكني لا أستطيع تخطي ارتفاع الصوت؛ لأني إذا رفع أحد صوته علي أجد جسمي شبه مشلول، لا أستطيع الكلام، وينزل مني العرق، وجسمي يرتعش، وأظل بعض الدقائق لا أتذكر أي شيء حتى اسمي، وأعاني من هذا حتى الآن.

وأعاني أيضا من الوسواس القهري، في الطاعة كنت أعاني من وسواس في الوضوء، والحمد لله، تخلصت منه، ولكن وسواس الصلاة لا أستطيع التخلص منه؛ لأني عندما أقف في الصف للصلاة أختلق مشاكل مع المصلين، ثم مع قراءة القرآن.

أعاني من تكوين حياة في خيالي توازي الحياة الحقيقية، حتى إني في خيالي كونت أسرة وأصدقاء، وأهرب من الواقع إليهم، حتى إني أصبحت سلبيا في الحياة الشخصية والعملية أي مشكلة تقابلني أهرب منها إلى الخيال.

أصبحت كثير الكلام والمواقف، وأتمني أن أكون قد وفقت أن أشرح لكم حالي، وما أعاني منه، حتى تساعدوني في العلاج الصحيح، وماذا أستخدم من العلاج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن القلق والمخاوف والوساوس كلها متصلة مع بعضها البعض، وهي تنتمي لبوتقة واحدة، أخي الكريم: لا أريدك أبدًا أن تعد الوساوس أو المخاوف ضعفًا في شخصيتك، أو قلة في إيمانك، هي نوع من السلوكيات الإنسانية المكتسبة، والشيء المكتسب يمكن أن يُفقد من خلال التعليم المضاد، أي أن هذه المخاوف ليست مستوطنة في داخلك أو في ذاتك.

أخي الكريم: أهم ما ننصح به هو التفكير الإيجابي، وتحقير الوساوس، ومواجهة المخاوف، وأنا أؤكد لك أنك غير مراقب من قِبل الآخرين، وأن أداءك الاجتماعي أفضل مما تتصور، فأنت الحمد لله تعالى رجل لديك أعمال حرة، وصاحب أسرة، وقطعًا التواصل الاجتماعي أمر حتمي في حياتك، فحاول أن تطور نفسك في هذا السياق.

الوساوس تُحقر – كما ذكرت لك – خاصة الوساوس حول الصلاة، ويجب أن تبني على اليقين، ولا تعيد الوضوء أبدًا، ويمكن أن تساعد نفسك من خلال: ألا تتوضأ من ماء الصنبور، إنما ضع الماء في إبريق أو إناء وتذكر أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوصانا بأن لا نُسرف أبدًا في الوضوء، بهذه الطريقة – طريقة تحديد كمية الماء – يستطيع الإنسان أن يتغلب على وساوس الوضوء.

أخي الكريم: العلاج الدوائي سوف يمثل دعمًا أساسيًا لك، سوف يفيدك في مخاوفك وتوتراتك، وكذلك وساوسك، وقطعًا سوف يحسِّن مزاجك.

إن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمر جيد، وإن لم تستطع فأعتقد أن عقار (مودابكس) والذي يسمى أيضًا (لسترال) واسمه العلمي (سيرترالين) وهو متوفر في مصر، سيكون الدواء الأفضل بالنسبة لك؛ لأنه سليم وغير إدماني، ليس له آثار جانبية، غير أنه ربما يؤخر القذف المنوي قليلاً لدى بعض الرجال، لكنه لا يؤثر على مستوى هرمون الذكورة (تستوستيرون)، ولا يؤثر على الإنجاب أبدًا.

جرعة السيرترالين هي أن تبدأ بحبة واحدة ليلاً، تتناولها لمدة ثلاثة أشهر، تناولها بعد الأكل، بعد ذلك اجعلها حبتين ليلاً لمدة شهرين، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم حبة مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أخي الكريم: إذا نظرت في هذه الخارطة العلاجية الدوائية فسوف تلاحظ أنا قد نصحناك بالجرعة التمهيدية – أي جرعة البداية – ثم الجرعة العلاجية، ثم الجرعة الوقائية والتوقف التدرجي، لابد أن يُتبع هذا النسق في العلاج، وهي طريقة علمية متميزة جدًّا، يستفيد الإنسان من خلالها من فعالية الدواء، وفي ذات الوقت يتجنب الآثار السلبية، وكذلك أعراض الانسحاب التي ربما تظهر إذا توقف الإنسان فجأة عن الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً