الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أنا مصابة بالوسواس القهري أم بقلق المخاوف الوسواسية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكرا لجهودكم المبذولة من أجلنا.

لي قريبة تعمل طبيبة نفسية، وصنفت مرضي على أنه نوبات هلع، وقبلها ذهبت إلى طبيبة، وقالت لي: بأني أشكو من قلق المخاوف الوسواسية، بالإضافة إلى أنه أصابني وسواس الخوف من الموت لمدة سنة، وكلما تأتيني إحدى هذه الأعراض؛ أتمنى الموت فعلا من بشاعتها، وعندما تذهب؛ أشعر بأني كنت في حلم.

والمشكلة أنني إذا قرأت شيئا من عندكم، أو أي مكان عن أي مرض نفسي؛ أتخيله مباشرة عندي، كالوسواس القهري مثلا، أريد أن أعرف إذا هو كان هذا المرض فعلا عندي أم لا؟ وأحيانا إذا كنت أتصفح الفيس، أو رواية، وإذا فاتتني كلمة لابد من الرجوع لقراءتها، وإلا فلن أرتاح، وهكذا عناوين الأسواق، ومرة حلمت حلما، وقلت فيه كلمة، واستيقظت، ونسيتها، وظللت طول اليوم أفكر فيها، أريد معرفتها، ولكن هذه الأشياء لا تستمر معي سوى أياما.

مؤخرا قرأت عن علاج الوسواس القهري، فجاءتني فكرة أني مصابة به، ولن يستطيع أحد علاجي منه أبدا، وأنا أتعذب كثيرا منها إلى الآن، أندمج نعم إذا كان هناك أشخاص أحبهم، أو يكون هناك حدث سعيد، أما في باقي الأوقات؛ فهذه الفكرة عذبتني، وكلما تأتي يتقلص بطني، وأفقد الشهية، وأفقد كل شيء جميل، وتسيطر علي كثيرا رغم أني أجاهد لإبعادها.

الخلاصة: تعبت من كل شيء، أتمنى من كل قلبي أن أعيش طبيعية، وأتناول سيبرالكس منذ أسبوع ونصف، وأحس أن الأمور زادت سوءا، فانزعجت لأني أعرف أنه دواء رائع لهذه الحالات، فهل عندي وسواس قهري؟ أم أنه من قلق المخاوف الوسواسية، وإلى متى أستمر على تناول الدواء، وهل سيأتي بنتيجة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رقية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

القلق هو أساس كل شيء، والقلق قد يكون طاقة نفسية حميدة وإيجابية ومطلوبة، لأنه هو الذي يُحرِّكنا من أجل أن ننجز، من أجل أن نثابر، من أجل أن نكون يقظين، فالقلق مهم جدًّا في حياتنا، ولكن في بعض الأحيان قد يزداد هذا القلق، ويخرج من النطاق الطبيعي، وهنا يتحول إلى ظاهرة أو حالة قد تكون مرضية أو متعبة لصاحبها.

والخوف والوساوس هما الرديفين الأساسيين للقلق، يعني أن الوسواس وكذلك المخاوف أصلاً مكونهما الرئيسي هو القلق.

فأقول لك ليس هنالك اختلافًا كثيرًا بين ما ذكرته لك الطبيبة النفسية أو الطبيبة الأخرى، فنوبات الهلع هي قلق نفسي حاد يكون مصحوبًا بمخاوف شديدة، يأتي للإنسان غالبًا دون مقدمات ثم ينتهي، لكن يظل الإنسان في نوع من الوسوسة والقلق التوقعي والخوف الافتراضي من الأمراض وشيء من هذا القبيل.

إذًا أنت لديك درجة بسيطة من قلق المخاوف الوسواسي، ومن الواضح جدًّا أنك تميلين إلى تحليل الأمور وسواسيًّا، خاصة فيما يتعلق عن الأمراض والاطلاع عليها، وهذه هي المشكلة الرئيسية، فالوساوس دائمًا تستدرج صاحبها وتستغفله لتجعله يُحلل ويُشرِّح وينظر إلى المعلومة وما خلف المعلومة، وهذا قطعًا يُشوِّش على الإنسان كثيرًا، ويؤدي إلى كثير من المخاوف والتعقيدات من حيث الأفكار.

إذًا نقول للإخوة الذين يعانون من مثل هذه الحالات: عليكم بالتجاهل، لا تُحللوا الوسواس، حقّروا الوسواس، فأنتم -والحمد لله- بخير، وهذا يجب أن يكون ديدنكم.

فيا -أختي الكريمة-: أرجو أن تتبعي هذه المنهجية.

الأمر الآخر هو: أن تكوني إيجابية في حياتك، وأن تسعي دائمًا لتطوير نفسك، أحسني إدارة وقتك، احرصي على أمور دينك، ضعي لنفسك برنامجا أو مشروع عمر تصلين -إن شاء الله تعالى- إليه من خلال أهدافك الواقعية والمعقولة، وألا تساومي نفسك، كوني صارمة جدًّا مع النفس من أجل الإنجاز.

بالنسبة للعلاج الدوائي: السبرالكس عقار رائع ورائع جدًّا، والتحسُّن -إن شاء الله تعالى- سوف يأتي، في المراحل الأولى للعلاج، ونسبة للإفرازات الكيميائية التي قد تكون شديدة نسبيًا فيما يتعلق بما يعرف بالمرسلات العصبية في الدماغ، فهذا قد يؤدي إلى شيء من القلق والتوتر والانزعاج، وهذا في بداية العلاج، وبعد ذلك -إن شاء الله تعالى- سيستمر الأمر ويستوي ويتوازن بصورة إيجابية جدًّا، مما يجعل الأمور تستقر وتتحسَّن، لذا فنحن نقول للناس: اصبروا على الدواء، فهذا مهم جدًّا.

جرعة السبرالكس في البداية تكون بخمسة أو بعشرة مليجرام، استمري عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعليها عشرين مليجرامًا -وهذه مهمة جدًّا- السبرالكس دواء رائع لعلاج الوسواس القهري، وكذلك المخاوف والوساوس، ولكن الجرعة يجب ألا تقل عن عشرين مليجرامًا في اليوم كجرعة علاجية.

استمري على هذه الجرعة بانتظام لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة خمسة أشهر، ثم اجعليها خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم خمسةَ مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

قطعًا ممارسة الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، وكذلك تطبيق تمارين الاسترخاء سيكون له فائدة عظيمة جدًّا بالنسبة لك.

أرجو أن تأخذي الحزمة العلاجية متكاملة، بدوائها، وتوجيهاتها، وإرشادها، والتغير السلوكي والاجتماعي المطلوب.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا anis

    اشعر في بعض الاوقا ت اني سا موت او ساقتل نفسي من شدة الخ وف في اليل من قلبي و نبضه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً