الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أفكار ووساوس في الدين، هل من حل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا شاب في 24 من عمري، كنت أحفظ كتاب الله كاملا وأنا في 12 من عمري، ولكن مع الدراسة نسيت معظمه.

أشعر أحيانا كثيرة أني مشرك بالله عز وجل، وأخاف أن أكون من أهل النار، حيث أنني عندما أرى إنسانا يعجبني جدا أو أكرهه جدا؛ ينتابني نحوه شعور غريب، لا أعرف ما هذا الشعور؟ ولكن سرعان ما أتذكر أنه عبد مثلي يطلب العون من الله، فأقلع عنه، ولكن يتكرر الأمر مع شخص آخر، وعندما أرى –مثلا- سيارة؛ أتعجب: كيف صنعوها؟ ولكن أتذكر أن من صنعها إنسان مثلي، فأستغفر الله من الشرك، وأتذكر أنهم عباد مثلي، وأتذكر أن الله هو من رفع السماء بغير عمد.

رغم أنني محافظ على الصلاة، إلا أنني أشعر أحيانا بأني مشرك، وأستغفر الله؛ فأرتاح قليلا، ثم يبدأ قلقي ثانية حتى أوصلني تفكيري إلى: ما الدليل على أن هذا القرآن حق؟ فأرد على نفسي، وأتذكر آيات خلق الإنسان التي أثبتها العلم، وآيات تحدي الله للناس أن يأتوا بمثل هذا القراءن، فلم يستطيعوا، مع العلم أنني أشعر براحة كبيرة عند قراءته، فكيف لا يكون حقا؟ فتطمئن نفسي، ثم ترجع لهذا التفكير السيء، فأجاهدها بالصلاة والذهاب إلى العمرة، والمحافظة على التراويح، ولكني أخشى أن أكون من المرتدين، وأن أموت على الشرك فأخسر الدنيا والآخرة.

أحيانا أتذكر وأقول: ممكن يكون هذا ابتلاء في ديني. ولكن هل يوجد ابتلاء بهذه الطريقة، فأنا أشعر بالحزن والضياع والخوف من أن أكون مطرودا من رحمة الله.

أفتوني في أمري، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أيها الولد الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

ما تعانيه -أيها الحبيب- من الوساوس إنما هو جزء من مكر الشيطان وكيده؛ ليصدك عن ذكر الله تعالى، وعن الاشتغال بطاعته، وأنت على إسلامك وإيمانك -بإذن الله-، ولن تضرك هذه الوساوس، ولن تؤثر على دينك، ونصيحتنا لك أن تعرض عنها إعراضاً كلياً، فتجاهد نفسك على ذلك، فكلما خطرت ببالك انصرف عنها، واشتغل بغيرها، واستعذ بالله تعالى منها ومن شر الشيطان، فإذا صبرت على هذا الطريق؛ فإنها ستزول عنك قريباً -بإذن الله-، فهذه هي وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن ابتلي بشيء من هذه الوسوسة، إذ قال عليه الصلاة والسلام: (فليستعذ بالله ولينتهِ).

واعلم بأن الشيطان عندما ييأس من إضلال الإنسان بطرقٍ أخرى؛ فإنه يلجأ إلى الوساوس، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لبعض من شكا إليه وساوس يجدها، قال: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة). أي رد كيد الشيطان إلى أن يلجأ إلى طريق الوسوسة بعد أن لم يقدر على إضلاله بطرقٍ أخرى.

كما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل الخوف من هذه الوساوس، والنفور منها، والانزعاج، والخوف من الخروج من الإسلام والإيمان، جعل كل هذه المخاوف التي يجدها الإنسان في نفسه دليلاً على صريح الإيمان، إذ أن القلب لا ينزعج إلا لوجود الإيمان المنافي والمخالف للوسوسة، فقال عليه الصلاة والسلام لمن شكا إليه وساوس في صدره، وأخبره بأنه يفضل أن يحرق حتى يصير حممة على أن يتكلم بهذه الوساوس التي في صدره، فلما سمع منه النبي -صلى الله عليه وسلم- وصف هذه الحال؛ قال: (ذاك صريح الإيمان).

فنصيحتنا لك أن تعتصم بالله تعالى، وأن تستعيذ به إذا خطرت لك هذه الخواطر، وأن تشغل نفسك بغيرها من أي شيءٍ نافع من دينٍ أو دنيا، فإذا صبرت على هذا الطريق؛ ذهبت عنك هذه الوساوس بإذن الله تعالى، وأنت على إسلامك، فلا تخش من تأثيرها عليك، ولا من ضررها لك.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يمن علينا وعليك بتمام العافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً