الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت وساوس الطهارة التي أعاني منها حقيقية، فكيف أتخلص منها؟

السؤال

أعاني من الوسواس في الصلاة والطهارة، في البداية كان وسواس سلس بول، فأصبح السلس حقيقة، وأحس أني لست طاهرة أبدًا، فأغير ملابسي الداخلية والخارجية لكل صلاة، وخلال الصلاة أغسلها، وأعاني من الخجل عند أهلي، لكن ماذا أفعل؟

وأحس أني لست طاهرة حتى يدي إذا لامست ثوبي أذهب لأغسلها أكثر من مرة، وأحيانًا أنسى وألمس شعري، فأخاف أن شعري تنجس، وأصبحت الصلاة صعبة، وأحمل همها، وأفكر فيها كثيرًا، ولما يؤذن للصلاة أحس بتوتر وقلق وأرجف، وأصبحت أخاف ماذا أفعل؟ ساعدوني.

أخذت فلوزاك منذ أسبوعين حبة يوميًا، متى أرفع الجرعة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتون محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

أولاً هذا النوع من الوساوس شائع جدًّا، ويمكن علاجه، يجب أن تكون لك العزيمة والإرادة لتحقير هذه الوساوس وتجاهلها التجاهل التام، ويجب ألا تناقشي الوسواس، ولا تُجري أي نوع من الحوارات التفسيرية للوسواس، ولا تخضعيها للمنطق؛ لأن الوسواس لا منطق فيه.

الوسواس يستحوذ، ويقتحم كيان الإنسان ووجدانه، لذا يجب أن يكون هنالك اقتحام مضاد وإغلاق تام له، لكن الإنسان إذا وقع في مناقشة الوسواس ومحاولة تفسيره والبحث عن الفتاوى هنا وهناك، هذا يؤدي إلى تشابك الأمر وزيادة حِدة الوساوس وتولُّد وساوس أخرى، فأغلقي على الوساوس، ولا تسترسلي معها، وإن شاء الله تعالى سوف تكونين بخير.

الرسول -صلى الله عليه وسلم- نصحنا أن نواجه هذه الوساوس بأن نقول: (آمنا بالله) ثم ننتهي، لا نناقشها، بل نُحقِّرها، وهذا علاج أساسي، وهذا يتضح من كلامه -صلى الله عليه وسلم-: (الحمدُ لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة) يعني هذا أنه أمرٌ بسيط، يجب تحقيره، وهذا أمر أساسي.

الأمر الآخر - أيتها الفاضلة الكريمة -: بالنسبة لوساوس الطهارة والوضوء والصلاة عامة، أولاً يجب أن تُحددي كمية الماء، لا تتوضئي من ماء الحنفية، لا تستعملي ماء الصنبور أبدًا، لا في وضوء ولا في غُسلٍ (الاستنجاء) ولا حتى في الاستحمام، التزمي بهذا الأمر، وحددي كمية الماء، واعلمي أن الإسراف مذموم، والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يتوضأ بكمية قليلة جدًّا من الماء. هذا علاج وجدتُّه مفيدًا جدًّا للإخوة الذين يترددون عليَّ في العيادة.

بالنسبة للعلاجات الدوائية، قطعًا لها دور مفيد جدًّا، لكني لا أريدك أن تعتمدي فقط على الدواء، الـ (فلوزاك Flozac)، والذي يُعرف علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine) من الأدوية المهمة والمفيدة، أحسبُ أن عمرك أكثر من ثمانية عشر عامًا؛ لأن هذا الدواء لا يُسمح باستعماله قبل ذلك العمر.

الجرعة هي أن تبدئي بكبسولة واحدة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم ترفعيها إلى كبسولتين في اليوم - أي أربعين مليجرامًا - يفضل تناوله بعد الأكل، استمري على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك انتقلي إلى الجرعة الوقائية، وهي كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

مواصلة الجرعة بانتظام مهمة جدًّا لأن يكون البناء الكيميائي للدواء فعّالاً وتجدين منه الفائدة المطلوبة بإذنِ الله تعالى.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في استشارات إسلام ويب، وكل عامٍ وأنتم بخير.

+++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
+++++++++++++++++++++++++++++

مرحبًا بك - أختنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب، نسأل الله لك العافية، وأن يُعجِّل بزوال هذه الوساوس عنك، ولكنَّك مُطالبة - أيتها الأخت الكريمة والبنت العزيزة - بأن تأخذي بالأسباب التي جعلها الله عز وجل وسائل لطرد هذه الوساوس عنك، وأهمُّ هذه الأسباب والوسائل هو أن تكوني جادة في التخلُّص من هذه الوسوسة، وتأخذي بالتوجيهات التي توجَّهين بها للتخلُّص من هذه الوسوسة مأخذ الجِد، وتصبري على العمل بها، وتثبتي عليها، وستزول عنك بإذنِ الله هذه الوسوسة.

وأهم هذه التوجيهات هو: الإعراض التام عن هذه الوسوسة، فلا تُلقين لها بالاً، وتتعاملين معها على أنها معدومة، ولا تُرتِّبين عليها أحكامًا، ولا تبحثين عن إجابات لما تُمليه عليك من تساؤلات، فإذا فعلت ذلك فإنها ستزول عنك بإذنِ الله.

وواضحٌ جدًّا أن استسلامك لهذه الوساوس وعملك بمقتضاها حوَّلها إلى مُسلَّماتٍ لديك، ولذلك قلت: (كان السلس في البداية وسواسًا ثم أصبح حقيقة) وأنا أظنُّ أن هذه الحقيقة إنما هي مجرد وهم، وأنه أثرٌ من آثار هذه الوساوس، فطريق التخلُّص من هذه الوسوسة التي تعانين منها في الطهارة هي ألا تعملي بالشك ولا تلتفتي إليه، فكلما جاءتك الشكوك والأوهام بأن طهارتك قد انتقضتْ وأنه قد خرج منك شيءٌ لا تلتفتي إلى ذلك إلَّا أن تتيقَّني يقينًا جازمًا كتيقُّنك بوجود الشمس في وسط النهار، وحينها تُرتِّبين الحكم على هذا الخارج، وإلاَّ فالأصل عدم الخروج.

وأما ما ذكرته من انتقال النجاسة وإحساسك بعدم طهارتك فهي آثار ظاهرة لهذه الوسوسة، والأصل عدم وجود النجاسة إذا شككت في وجودها، ثم الأصل عدم انتقال هذه النجاسة، والأصل في الأشياء الطهارة، فإذا عملت بهذه الأصول وجاهدتِّ نفسك على الوقوف عندها سَهُلَ عليك -بإذن الله تعالى- التخلُّص من هذا الوسواس.

نسأل الله تعالى لك التوفيق، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير، ونسأل الله تعالى لك التيسير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً