الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التوبة من سرقة أموال الناس والشركات

السؤال

أنا كنت شغالا في شركة نظافة، عامل أمن في مقلب زبالة، وأخذت بعض الأشياء من المقلب، علما أنها كانت ستدفن ولا قيمة لها، وأيضا سرقت من المخزن بعض أسلاك النحاس وقمت ببيعها، وبعض أواني ألمنيوم وهذه كانت لأصحابي في العمل، وعملت أيضا في قرية مجاورة وسرقت منها بعض كوالين الأبواب، وأيضا أخذت من جارتنا بعض أواني الألمنيوم، وعندما كنت في سن السادسة عشر أخذت من السكك الحديدية بعض القطع الملقاة على الأرض، علما بأنها هالكة وملقاة ولا يستفيد أحد منها، وأخشى أنني إذا ذهبت لشركة النظافة والقرية السياحية لأرد المبالغ أو الأشياء يحدث ما لا تحمد عقباه.
أفيدوني فإني تبت إلى الله، وأريد أن أرد ما علي، علما أني أدعو لهم دائما بالمغفرة والرحمة، ماذا عليَّ أن أفعل بالله عليكم؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يتقبل توبتك، ويمحو حوبتك، واعلم أن من شروط التوبة من السرقة ونحوها مما فيه حق للمخلوق، التحلل من صاحب الحق، برد الحق إليه، أو بطلب العفو والسماح منه، كما جاء عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه". أخرجه البخاري .

لكن لا يشترط في رد الأموال المسروقة لأصحابها إعلامهم بذلك، بل يكفي إيصالها إليهم بأي طريق، قال ابن عثيمين : إذا أخذ من أخيه شيئا ثم منَّ الله عليه فتاب، فإن الواجب عليه أن يرده إليه بأي وسيلة، وليسلك الوسيلة التي ليس فيها ضرر، مثال ذلك لو سرق منه مائة درهم مثلا ثم تاب، وأراد أن يردها إليه من المعلوم أنه لو قال إني سرقت منك هذه الدراهم، وإني تبت إلى الله وأردها عليك أنه ربما يحصل في هذا شر، فحينئذ يمكن أن يجعلها في ظرف ويرسلها مع صديق مأمون، ويقول لهذا الصديق أعطها فلان، وقل له إن هذه من شخص كان أخذها منك سابقا، ومنَّ الله عليه فتاب وهذه هي .اهـ. من فتاوى نور على الدرب . وراجع الفتوى رقم: 64078.

فعليك أن ترد ما أخذته ـ أو قيمته إن تصرفت به ـ إلى من سرقت منهم، ولا يتشرط أن تخبرهم بفعلك، بل الواجب أن توصل إليهم حقهم بأي طريقة، وإذا جهلت قدر ما أخذته فإنك تجتهد وتقدره بما يغلب على ظنك براءة ذمتك به.

وأما ما أخذته من مقلب الزبالة ونحوه مما نبذه الناس: فهو مباح لك، فإن ما ألقاه الناس رغبة عنه واستغناء فهو ملك لآخذه، قال أبو البركات ابن تيمية ـ الجد ـ: ويملك بالأخذ ما ينبذه الناس رغبة عنه.اهـ. من المحرر.

وفي شرح المنتهى: (والسابق إلى) أخذ (مباح كصيد وعنبر وحطب وثمر) ونحوه (ومنبوذ رغبة عنه) كالنثار في الأعراس ونحوها، وما يتركه حصاد ونحوه من زرع وثمر رغبة عنه وكسرة ولحم على شيء من عظم (أحق به) فيملكه بأخذه مسلما كان أو ذميا. اهـ. وانظر الفتوى رقم: 138776.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني