الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعوة الرجل المرأة للإسلام يكتنفه مخاطر

السؤال

قدرًا رأيت نصرانية على الإنترنت، وأنا مسلم وكانت نيتي بالحديث معها خالصة لله لنتناقش، فإن استطاعت إقناعي بالنصرانية تنصرت، وإن استطعت إقناعها بالإسلام تسلم، ومن حسن تفويق الله لي أنني استطعت تجميع أكبر قدر من الأدلة التي لم تستطع الرد عليها نهائيًا، وكنت لا أيأس بالرغم من إصرارها على النصرانية، وكنت أقول لها: أقنعيني أن النصرانية حق، فكانت تعجز تمامًا، وكلما سألتني سؤالًا أجبته بالمنطق العقلي -والحمد لله- وفقت، وخلال سبعة أيام منّ الله عز وجل عليّ بأن قالت لي: أريد أن أسلم، وكانت أول مرة أشعر بالسعادة الحقيقة، وكنت أدعو الله أن يوفقني، وبالفعل وفقت في جلب الأدلة من هذا الموقع، ومن مواقع أخرى، ومن الشيخ كشك ـ رحمه الله ـ وأشياء أخرى كنت أشعر بأن الله هو الذي يوحي إليّ بها، وهي حتمًا خائفة؛ لأنها في بلدة وأنا في أخرى، وأعمارنا 15 سنة، ولا أستطيع السفر لمساعدتها، وقد تعودت على النصرانية وكل أهلها وجيرانها وأصحابها من النصارى، فادعوا الله أن يثبتها، وانصحوني بكل شيء بالإجراءات، ولا تخافوا، فأنا لا أتكلم معها إلا بنية الدعوة، وليس هناك إلا تلك الطريقة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يُثيبك على حرصك على الدعوة إلى الإسلام، وأن يجعلك هاديًا مهديًا، وأن يثبت هذه المرأة على الإسلام، ودعوة المرأة للإسلام يكتنفه مخاطر، وانظر الفتويين رقم: 60891، ورقم: 23350، وتوابعها.

والشيطان قد يدخل على العبد من مداخل الخير، فلا تأمنن على نفسك، ويمكنك إرشادها إلى جمعية إسلامية خيرية قريبة ليساعدوها على ذلك، ويمكنك أن ترسل لها بعض الرسائل في الثبات على دين الله، وقد استوقفتنا عبارتك: فإن استطاعت إقناعي بالنصرانية أتنصر... فقد تأتيك بشبهة لا تعلم جوابها، ولو سألت أهل العلم أجابوك، فكيف تتنصر إن عجزت؟! ثم إن المناظرة في أحايين كثيرة قد يغلب فيها من له قدرة حوارية جيدة، وليس لقوة الحجة؛ ولذلك أورد الإمام اللالكائي عن عبد الرزاق قوله: إن الدين ليس لمن غلب.

وروى الآجري في الشريعة عن معن بن عيسى، قال: انصرف مالك بن أنس يومًا من المسجد، وهو متكئ على يدي، فلحقه رجل يقال له: أبو الجويرية كان يتهم بالإرجاء, فقال: يا أبا عبد الله، اسمع مني شيئًا أكلمك به، وأحاجك، وأخبرك برأيي، قال: فإن غلبتني؟ قال: إن غلبتك اتبعتني، قال: فإن جاء رجل آخر، فكلمنا فغلبنا؟ قال: نتبعه، قال مالك -رحمه الله-: يا عبد الله، بعث الله عز وجل محمدًا صلى الله عليه وسلم بدين واحد، وأراك تنتقل من دين إلى دين، قال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضًا للخصومات أكثر التنقل.

ومع هذا، فظننا أنك قلت ذلك من باب التنزل في المناظرة، ومع هذا فاجتنب تمامًا تعليق الكفر على شيء، وانظر الفتوى رقم: 213730.

ونوصيك بتعلم العلم ـ لا سيما علم العقيدة ـ فإنه خير زاد للدعوة إلى الله، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 171863، وتوابعها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني