الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية البر بالاب بعد موته

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود الاستفسار عن كيف أكون بارة بأبي رحمه الله، وخاصة أنه توفي في موطننا الأصلي، وأنا أقيم مع زوجي في دولة تبعد عن الموطن الأصلي بآلاف الأميال، أعرف أنه ليس بمبرر، إلا أني لم أعلم بمرضه الشديد إلا في اللحظات الأخيرة، المهم: أني حتى لم أقم بتمريضه، وأشعر بتأنيب الضمير حتى الآن؛ مما سبب لي اكتئابا، وتنتابني حالة بكاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ موني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإن دعائك يصل إلى الوالد - بفضل الله - من كل مكان، وهو يحتاج لدعوات بناته والولدان، وينتفع ببرهم له والإحسان، ولا ينقطع البر له بموته، ولكنه يتصل بولد صالح يدعو له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، وكلمة الوالد تشمل الذكر والأنثى، والولد الصالح هنا هو محور الحديث؛ لأن الإنسان إذا خلف ابناً أو بنتاً صالحة فإنها تبر أباها بالدعاء والاستغفار، وبالصدقة نيابة عنه، ومن أبواب الخير التي يمكن أن تساهمي فيها ما ذكره ابن حجر رحمه الله:

إذا مات ابن آدم ليس يجرى عليه من فعال غير عشر
علوم بثها ودعاء نجل وغرس النخل والصدقات تجري
وراثة مصحف ورباط ثغر وحفر البئر أو إجراء نهر
وبيت للغريب بناه يأوي إليه أو بناء محل ذكر
وتعليم لقرآن كريم فخذها من أحاديث بحصر

وتستطيعين أن تفعلي الكثير من الخيرات ويجدها الوالد في ميزان حسناته، وتنالين أنت ثواب البر والصلة، ومن البر للوالد الاهتمام بإخوانك الصغار والاهتمام بأصدقاء الوالد الأوفياء، وذلك بمساعدتهم إذا احتاجوا والسؤال عنهم إذا مرضوا، ومن البر له صلة الرحم التي لا توصل إلا به.

ولا داعي لتأنيب الضمير، فأنت مع زوجك طاعة لربك القدير، فسبحانه من إله يعلم ما تخفيه الصدور، ويجازي على حسن النية ويسامح في القصور ويقدر الأمور.

وأرجو أن تعلمي أن الإنسان قد يكون في بلده ويحرم من حضور اللحظات الأخيرة؛ لأن ذلك لا يكون إلا بتقدير الله القائل: (( فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ))[الأعراف:34].

ولا شك أن الوالد لا ينتفع بالبكاء، لكنه ينتفع بالاستغفار له والدعاء، وليس من شروط البر أن تحضري مرض والدك، كما أنك معذورة بخدمتك لزوجك، ولا شك أن الذين حول والدك لم يقصروا في خدمته، ولكن الجميع يعجزون عن رد الروح إذا خرجت.

وإذا علم الله منك صدق الرغبة في البر كتب بفضله مثل أجور البررة، فكوني مطيعة لربك، وأكثري من الدعاء لوالدك ولأموات المسلمين.

وفي الختام نوصيك بتقوى الله، ونشكر لك هذا الاهتمام والسؤال، ومرحباً بك بين الآباء والأخوان.

ونسأل الله أن يوفقك، وأن يرحم والدك وأموات المسلمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً