الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسس العلاقة الزوجية ومنهج نجاحها

السؤال

ما هو أخف الضررين على الأولاد: الطلاق أم عدم الاستقرار الأسري والتعب النفسي الموجود داخل الأسرة؟ أفيدوني من فضلكم.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Radia حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أسأل الله لي ولكم الهداية والتوفيق.

اطلعت على رسالتك، والتي تسأل فيها عن أخف الضررين على الأولاد: هل الطلاق أم عدم الاستقرار الأسري والنفسي؟

أخي! لقد وضعت سؤالك بحيث لا تحتمل إجابته إلا واحدة من اثنتين فقط، ولكن اسمح أن أقول لك:

إن أي إنسان في هذه الدنيا مُبتلى، ولو اكتمل لك جانبٌ في هذه الدنيا نقص جانبٌ آخر، فمثلاً: إذا اكتملت الصحة اعترى الإنسان الفقر، وإذا كان غنياً اعتراه الهم على المال، وإن اكتمل جانب المال والصحة ابتلي بالمشاكل، .. وهكذا، وهي سنة الله في أرضه، وعلة ذلك أن الدنيا في مفهوم الإسلام ليست دار جزاء حتى يتمتع الإنسان فيها بكل جوانبها، بل الآخرة هي دار القرار والمتاع الدائم، ومن هنا فما اكتمل من جانبٍ في الدنيا ينبغي أن يقابل من العبد بالشكر والحمد، وما نقص منها يقابل بالصبر والاحتساب.

فإذا علمت ذلك فاعلم أن مما يُبتلى به الرجل المشاكل الزوجية، وقد حصلت حتى لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل للنبي صلى الله عليه وسلم نفسه، ولك أن تقرأ تفسير سورة التحريم.

بجانب ذلك فإن العلاقة الزوجية تتطلب فهماً معيناً، ومعاملة خاصة، فليست شركة تجارية تنظم بالقوانين واللوائح، ولكنها رابطة اجتماعية روحية، تتطلب الصبر والحلم والعفو حتى تتأتى المحبة والمودة.

أخي الكريم! إذا ابُتليت بزوجة كثرت معها المشاكل، فأظن أن معاملتك معها تقوم على ردود الفعل، أي: كما تعاملك أنت تعاملها، وصار كل منكم يشد في هذا الحبل حتى وصلتم إلى مرحلة قطعه، وهذا لا يجوز لا شرعاً ولا عرفاً، واسمح لي أن أضع لك هذا المنهج، وحاول تطبيقه ولو لحين، ثم انظر إلى نتائجه:

1- غيّر أخي من تعاملك وفهمك لها بأن هناك غالباً ومغلوباً، كلا، فبين الزوجين لا يوجد غالب ومغلوب، بل يوجد صفح وعفو، ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم)، انظر إلى هذا المنهج الرباني.

2- الزم الصبر أخي، فهو صمام الأمان لهذه الحياة الزوجية، وعندما تصل إلى مرحلةٍ من الغضب فاخرج من البيت.

3- عاملها من اليوم بالإحسان واللين، ورد على سوئها بالعفو والصفح، فهي إنسانٌ له مشاعره وأحاسيسه، فمهما كان سوؤها فعندما تجد المعاملة الطيبة سترجع إلى رشدها.

4- أنت طبيبٌ أمام إنسان مريض، فعليك أن تكون فطناً، وتكتشف مرضها إن كان سرعة الغضب أو حب المعاكسة أو صلابة الرأي أو غير هذا، وبعد اكتشاف حالها تقدم العلاج، ولكل حالةٍ علاجها، ولكن ليس من العلاج أبداً التعامل بالمثل، ويا أخي! لا تُطفأ النار بالنار، إنما تطفأ النار بالماء، فكن أنت الماء عندما تكون هي النار.

5- بعد أن تهدأ أموركما بحسن التعامل هيأ لها المناخ لتتعلم شيئاً من أصول دينها وحقوق الزوج عليها وحقوق الأبناء عليها، فيا أخي! فاقد الشيء لا يعطيه، فهي تجهل تعاليم دينها وواجبها تجاهك فكيف نطالبها بحسن التعامل؟

6- البداية الآن: أهدها هدية ثمينة، ثم اجلس بجوارها، وقل لها: نريد أن نفتح صفحةً جديدة في حياتنا من أجل أولادنا، واسألها ماذا تريد منك، ثم أخبرها عما تريده منها، وحتى تطمئن هي أكثر أخبرها بدخلك كاملاً، وأشركها في المصاريف، ووضع خطة المستقبل لكم -إن شاء الله-، وستكون بداية جديدة لحياة سعيدة، وعليك بكثرة الابتهال إلى لله تعالى.

والله ولي الهداية والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً