الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموقف من الزوج المدمن المهمل لأهله في النفقة وغيرها

السؤال

أنا سيدة متزوجة من سنة تقريباً، ومنّ الله علي ببنت ولله الحمد.

مشكلتي تكمن في أني متزوجة من ابن خالتي، وهو صدمني في اكتشاف أمور كبيرة في سلوكه من أمور مذهبة للعقل، واهتمامه من هذه الناحية، وإهماله لي ولأمور بيته من الناحية المادية، وهذا يؤزمني، وما يجعلني لا أستطيع تكملة مشواري معه لعدم إحساسه بالمسئولية، مع العلم: نحن من دولة خليجية، ورواتبنا لا تساعدنا على المصاريف، فقررت أن أذهب لموطني الأصلي، والبحث عن فرصة عمل لتحسين الوضع المادي فيمكن أرتاح نفسياً، والوضع الذي عليه زوجي من اهتمامه في مزاجه، وإهماله أمور البيت، وأصبحت أفكر بشكل جدي بالانفصال عنه، أفيدوني لو سمحتم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وضحى سالم الهيدوس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يصلح زوجك وأن يرده إليك رداً جميلاً.

نحن ندرك مدى الضيق الذي تعيشينه، والكرب الذي تعانين منه بسبب سوء أحوال زوجك، ولكننا في الوقت ذاته نحب أن نذكرك أولاً بأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وأن هذا الزوج مهما بلغت إساءته فإن هداية الله سبحانه وتعالى له قريبة وليست بالأمر المحال، وما يدريك لعل الله سبحانه وتعالى يجعل خلاصه من هذه الآفة على يديك إذا أنت بذلت ما في وسعك في محاولة استصلاحه، واستعنت بالله تعالى على ذلك، فلعل الله سبحانه يهديه على يديك وتنالين بذلك أجراً كبيراً وتحافظين على أسرتك وبيتك من التفرق والشتات، وكوني على ثقة - أيتها الكريمة - بأنك بإذن الله تعالى أقدر الناس على التأثير عليه، فكثيراً ما رأينا وقرأنا عن تأثر رجال كثيرين بزوجاتهم، وما ذاك إلا لأن الزوجة كثيرة المجالسة لزوجها، وتخلو به في أوقات لا يخلو به الناس فيها.

من ثم فوصيتنا لك أن تبدئي أولاً بمحاولة بإصلاح هذا الزوج وإعانته على نفسه؛ فهو محتاج في الحقيقة إلى من يأخذ بيده، فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، وهو محتاج حقيقة إلى من يعينه ليتخلص من هذا الوباء، قد لا تكون لديه رغبة في هذا لأنه ساه في غفلته لاه في غيّه، ولكن إذا ذكِّر ربما تذكّر، فننصحك بالسعي في تقوية إيمان زوجك، فإن الإيمان إذا قوي في القلب صلحت بعد ذلك أعمال الجسد الظاهر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله)، فحاولي أن توقظي هذا الإيمان في قلب هذا الزوج وتقويه، فإن الإيمان قيد الفتك كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، استغلي أوقات وجود الزوج في البيت وهدوء واكتمال عقله لتسمعيه بعض المواعظ التي تذكره بالآخرة وبالنار، وبما فيها من العذاب الأليم لأنواع العصاة، والجنة وما فيها من النعيم المقيم لأهل الطاعة والمعروف، تذكرينه بالمواعظ وتصفين له أهوال يوم القيامة والعرض على الله، والوقوف بين يدي الله ونصب الميزان، والمرور على الصراط، وعرض الأعمال على الله أمام الخلائق، ذكريه بالمواعظ التي تذكره بالقبر وما فيه من أهوال ومضايق وشدائد، وحاولي أن يطرق سمعه الكثير من هذا النوع من الوعظ؛ فإنه بإذن الله تعالى يردع النفس عن غيها، ويقمع شهواتها، وكذلك حاولي أن تسلطي عليه بعض الصالحين من الأقارب إذا كان لكم أقارب فيهم صلاح ليكثروا من مجالسته ويدعوه لحضور الصلاة في المسجد ونحو ذلك، فإذا رأيت منه نوعاً من الميل إلى التخلص من هذا الوضع الذي هو فيه فصارحيه بما يعانيه من هذه الآفة، وأنه بإمكانه التخلص منه بإذن الله تعالى.

إذا كان جاداً فبإمكانه أن يستعين بالجهات العلاجية التي تعينه على التخلص من الإدمان ونحوه، وحاولي أن تستعيني بوالديه إذا كانا على قيد الحياة، وبهذه التدابير إن شاء الله تعالى ستجدين أثراً في صلاح هذا الزوج، وما يدريك لعل الله سبحانه وتعالى يكون قد كتب له النجاة والخلاص من هذه الآفة على يديك؟!

إذا لم يصلح حاله ورأيت أنه مضيع لحقوقه لا ينفق عليك فما جعل الله عز وجل من حرج في هذه الحالة بأن تطلبي الطلاق، لكن لا ينبغي المصير إلى هذا القرار إلا حين يكون آخر الحلول، وكما يقال: آخر العلاج الكي، فالطلاق ليس أمر هيناً وسهلاً لما يترتب عليه من تفرق الأسرة وتشتت الأبناء، ولكن حين لا يكون بد من فراق الزوج فإن الله عز وجل وعد الزوجين بأن يغني كل واحد منهما من فضله، فقال سبحانه وتعالى: (( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ))[النساء:130].

نوصيك أيتها الكريمة وصية من يحب لك الخير، ونوصيك بأن تقوي علاقتك بالله، فتعلقي قلبك به وتحسني التوكل عليه وتسأليه سؤال اضطرار وصدق بأن يصلح زوجك وأن يجمعك في أسرتك وأن يتولى عونك، وأحسني الظن بالله سبحانه وتعالى فإنه يقول: (أنا عند ظن عبدي بي)، وسلبه أن يقدر لك الخير حيث كان.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان وأن يصلح زوجك ويرده رداً جميلاً.
وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً