الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يقسم أني ملكت قلبه ولكنه يريد الزواج عليّ!!

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة ولدي ولدين ولله الحمد، وزوجي يقسم بقوله: (أنت ملكت فؤادي)، لكن المصيبة أنه سيتزوج عليّ ويسكنها معي في نفس البيت، وأشعر أني رسمية مع زوجي في كل شيء، ولا نفترق إلا في النوم، ومع ذلك أغار منها بشدة، مع أنها إنسانة عادية ومطلقة، لكني أحب زوجي وأغار، لدرجة أني أتمنى أن أذبحهما إذا صارت ليلتها! وأشعر أني ابتعدت عن رب العالمين، فكل همي زوجي، فماذا أفعل مع زوجي وضرتي؟!

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الغيورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فلا شك بأننا نصدق زوجك فيما حلف عليه من حبك وأنك ملكت فؤاده، فالأصل في المسلم الصدق، ولا ينبغي لنا أن نحمله على خلاف ذلك؛ لأن الله عز وجل نهانا عن إساءة الظن فقال: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ))[الحجرات:12].

وليس زواجه بأخرى بمخالف لحبه لك، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب عائشة رضي الله عنها واشتهر هذا عند صحابته صلى الله عليه وسلم، وعرف هذا القاصي والداني، ومع ذلك تزوج عليها صلى الله عليه وسلم، وكان حين مات صلى الله عليه وسلم تحته تسع نسوة، وليس هذا مخالفاً لإخباره بأنه كان يحب عائشة وأن أحب الناس إليه عائشة، ولكن كان يتزوج عليها عليه الصلاة والسلام لمقاصد أخرى، وظننا أن زوجك من هذا القبيل ومن هذا النوع، يحبك لا شك ولا ريب، ولكن ربما رأى في نفسه حاجة للزواج بأخرى، والله عز وجل -أيتها الأخت- شرع التعدد لمصالح وحكم يعلمها هو سبحانه وتعالى.

وأما غيرتك فإنها مبررة وأسبابها معروفة، فهذه جبلة وفطرة فطر الله عز وجل عليها النساء، وقد غارت من هي خير منك، فقد كانت عائشة رضي الله عنها تغار مع علمها بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، ومع ذلك تغار من ضرائرها، فالغيرة أمر فطري لا نطالبك بأن تتبرئي منه وتتنزهي عنه، ولكنا نطالبك بأن تحكمي هذه الغيرة فتجعليها حاكمة على تصرفاتك، وذلك بأن لا تفعلي ما حرم الله عز وجل عليك.

ومما يُذهب عنك بعض هذه الغيرة -أيتها الأخت- تذكرك على الدوام بأن التعدد شرع الله تعالى وأن الله عز وجل شرعه لمصلحة الخلق، منها مصالح للزوج ومنها مصالح للنسوة أيضاً، فإن النساء من مصالحهنَّ التعدد الذي شرعه الله تعالى، ولا شك ولا ريب أنك تدركين أنه لولا التعدد لبقيت نساء كثيرات بلا زواج، ومن عادة الإنسان المؤمن أنه يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فتذكرك لهذا المعنى العظيم -وهو أن الله عز وجل شرع هذا وأباحه لمصالح وحكم عظيمة- مما يُذهب من نفسك بعض هذه الغيرة.

وينبغي أن تحاولي بلطف ولين ورفق أن تُقنعي زوجك بأن يقلل أسباب إثارة الغيرة في صدرك على ضرتك، وكذلك بالنسبة لها، وذلك بأن تحاولي أن تُقنعيه بأن يُسكن كل واحدة منكنَّ في سكن مستقل، ولو في البيت الواحد، بأن يهيئ البيت ويُقسمه بحيث تستقل كل واحدة بمرافق في البيت، كالمطبخ والحمام والمدخل ونحو ذلك، فإذا فعل هذا فإن هذا بلا شك سيقلل وينقص من الغيرة، كما أنه سيتيح لك أن تمارسي حياتك مع زوجك براحة أكثر.

وظننا أن الزوج حينما يفهم هذه القضية على وجهها لن يبخل بهذا إن كان قادراً عليه، فإن لم يكن قادراً عليه فننصحك بالصبر وإيثار رغبة الزوج ما دام في ذلك بقاء الحياة الأسرة هادئة مستقرة، وإن كان من حقك الشرعي عليه أن يسكنك في سكن مستقل بالوصف الذي قدمنا؛ لأن الشارع نظر أيضاً إلى حاجة الأنثى إلى الهدوء والسكينة والطمأنينة، وحرم إدخال الأذى عليها بجلب أسباب إثارة الغيرة لها في بيتها، وهذا من رفق الله تعالى ورحمته، فراعى الجانبين فأعطى للرجل حقوقاً وأعطى للمرأة حقوقاً، ولكن ينبغي أن يكون استيفاء هذه الحقوق بطريقة التسامح واللين والرفق، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً