الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عادت لي الوساوس وأريد الحمل... فما الحل؟

السؤال

كنت أعاني من الوسواس القهري منذ اثني عشر سنة, وخضعت لعلاج نفسي لمدة أربع سنوات حتى شفيت, وقبل زواجي مباشرة عاد الوسواس، ولم يتسنَ لي مراجعة الطبيب،وعانيت من الوسواس بعد الزواج بأفكار جديدة, ولكنه أتاني بعد أن صرت حاملا، وعندما راجعت الطبيب قال لي: لن يصلح العلاج مع الحمل, ومرت الأيام والوسواس يأتيني بأفكار جديدة حتى ذهب, ولكنه كان يأتيني في فترات متباعدة على شكل نوبات أتغلب عليها فلا تتعدى الأسبوع.

مشكلتي أن الحمل الثاني قد تأخر وقد راجعت عدة أطباء, ولا يوجد سبب يمنعه, وفجأة عاد الوسواس، ومعاودة العلاج تعني تأجيل الحمل فترة طويلة, وزوجي متلهف لمولود وأنا أيضا, ماذا أفعل؟

علما بأني لم أصارح زوجي بعودة الوسواس, ولا أجرؤ خوفا من ردة الفعل, أرجو الإفادة,هل يوجد علاج لا يؤثر عل الحمل؟ وهل يمكن الشفاء بالعلاج السلوكي دون أدوية؟ وهل يمكن استخدام عشبة عصبة القلب دون التأثير السلبي على الحمل؟

أرجو الإفادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ abeer حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فطبيعة الوساوس لدى حوالي ستين بالمائة من الناس أنها ربما تعاودهم من فترة إلى أخرى.

هذا الكلام يجب أن لا يكون مخيفًا، لأن النوبات الانتكاسية دائمًا تكون خفيفة، والإنسان حين يطبع نفسه على هذه الوساوس, ويعرف كيفية التعامل معها, وذلك من خلال تجاهلها, وعدم اتباعها, والقيام بما هو ضدها, وتحقيرها، هذه هي الأسس العلاجية الرئيسية، فإنه يستطيع أن يقوي باتباعه لهذه الأسس دفاعاته النفسية القوية التي تجعل هذه الوساوس ضعيفة, ولا تشغله, ولا تظل معه لفترة طويلة.

أختي الكريمة: أرجو اتباع هذا المنهج، منهج تجاهل الوسواس، تحقيره، العمل بما هو مخالف له, والإصرار على ذلك، كما أن تطبيق تمارين الاسترخاء بصورة مستمرة فيه فائدة كبيرة جدًّا، ويمنع حدوث النوبات الوسواسية؛ لأن الوسواس في أصله هو نوع من القلق، والاسترخاء يزيل القلق والتوتر، وللتدرب على تمارين الاسترخاء يمكنك تصفح أحد المواقع على الإنترنت التي تشرح كيفية تطبيق هذه التمارين.

بالنسبة للعلاج الدوائي: لا شك أن الوسواس القهرية مرتبطة ارتباطًا رئيسيًا ببعض التقلبات والتغيرات التي تحدث في كيمياء الدماغ، وهذا الأمر أصبح واضحًا وجليًا، وذلك من خلال الأبحاث العلمية المحترمة، والمادة التي تمركز حولها البحث هي مادة (السيروتونين)، واتضح أنه يحدث نوع من عدم الانتظام في إفرازها, أو ربما يكون ضعفًا في إفرازها, أو اضطرابًا فيها, أو عدم توازن مع المكونات العصبية الأخرى, مثل مادة (النورأدرانين), عمومًا في نهاية الأمر وبفضل من الله تعالى اكتشفت أدوية ذات فعالية كبيرة لعلاج الوساوس، وذلك بناء على تنظيم المنظومة الفسيولوجية التي تحدثنا عنها, هذا من جانب, والجانب الثاني أنه وبفضل من الله تعالى توجد الآن أدوية سليمة جدًّا لأن تستعمل في الحمل.

المبدأ العام هو تجنب استعمال الأدوية للأربعة الأشهر الأولى لتكون الحمل، حيث إن هذه فترة تكوين الأجنة، لكن هنالك أدوية سليمة وفعالة، فقط ننصح باستعمالها تحت الإشراف الطبي، وأحسن دواء وأسلم دواء هو عقار (بروزاك) هذا الدواء له خاصية معينة في علاج الوساوس القهرية، كما أنه مزيل للقلق والمخاوف، ومحسن للمزاج.

فأنا أرى أنه لا مانع أبدًا من أن تتناولي البروزاك، تبدئي بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وبعد أسبوعين اجعليها كبسولتين في اليوم، استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم يمكنك التوقف عن تناول الدواء.

في أثناء فترة تناول الدواء إذا حدث الحمل فهنا أقول لك: اجعلي جرعة الدواء كبسولة واحدة في اليوم، ولا تنتقلي إلى الكبسولتين، وإذا حدث الحمل وأنت تتناولين كبسولتين في اليوم فهذا يجب أن لا يزعجك، فقط خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة كما ذكرنا واستمري على هذا النمط.

المطلوب بعد أن يحدث الحمل هو أن تتواصلي مع طبيبة النساء والولادة؛ وذلك من أجل المتابعة، وأخبريها بأنك تتناولين البروزاك, وأنه -كما فهمت من الأطباء- سليم جدًّا، والدليل على سلامته -وهذه نقطة علمية مهمة، أسأل الله تعالى أن تكون سببًا في طمأنتك - هو أنه حدث حمل لحوالي ألف ومائتي امرأة وهنّ يتناولن البروزاك، حدث الحمل صدفة (قدرًا) وتم متابعتهنَّ بدقة شديدة، والحمد لله تعالى لم يحدث أي نوع من الاختلاف في تكوين الأجنة، أي أن الدواء لم يؤثر تأثيرًا سلبيًا على الجنين, هذا بحث علمي محترم وقوي، والعينة كانت كبيرة جدًّا كما تلاحظين، وبعد ذلك - أي نتيجة لهذا البحث واعتمادا على بحوث أخرى - اعتمد البروزاك كدواء سليم حتى في بداية الحمل.

عشبة القلب لا أؤيدها كثيرًا لأنها ضعيفة, ولا تعالج هذه الحالات - أي حالات الوساوس - لكنها مفيدة فقط في الاكتئاب البسيط أو في حالات القلق.

ثانيًا: أنا لا أريد أن أشكك الناس، لكني لا أضمن نقاء هذه المركبات العشبية، فهنالك الكثير من اللغط, وهنالك الكثير مما أثير حول نقائها، فربما تكون هنالك إضافات أخرى قد أضيفت لها، بالرغم من أن البعض يقول إن المركب الألماني من عشبة عصية القلب ربما يكون نقيًا وصحيحًا، لكن في نهاية الأمر البروزاك هو الأفضل لك وهو الأسلم إن شاء الله تعالى، فأرجو أن لا تترددي في تناوله، وإن شاء الله تعالى الأمور كلها تسير على خير.

نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأن يحدث الحمل وأن ترزقي الذرية الصالحة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً