الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاج السلوكي بالقرآن والسنة

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أود أن أستفسر عن علاج للقلق والتوتر والعصبية والمزاج المتقلب من القرآن والسنة؛ لأن كل هذه الأمور متأصلة فيّ من صغري, يعني هي بدمي, وهي مني وأنا منها, لكني لن أستسلم وأتألم لها بإذن الله, مادام هناك رب شاف لطيف رحيم.

نفسية قلقة متوترة تعطي كل أمر حجما أكبر مما يستحق, ونفسيتي أيضا عاطفية جدا، وأبكي لأي شيء يؤثر فيّ، إذا مرض ابني, إذا أحد ما وجهني بتهمة وأنا مظلومة, أتأثر بها أيا ما، وأياما وربما تمنعني من النوم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غادة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأولاً وجود القلق والتوتر والعصبية والمزاج المتقلب إذا كان بدرجة معقولة فهذا لا يعتبر مرضًا أصلاً، فمثل ما أن الطفل يحتاج لدرجة من العناد لتظهر شخصيته قوية مستقبلاً، فإن الشخص البالغ أيضًا يحتاج للقلق, ويحتاج لشيء من العصيبة, ويحتاج لشيء من تقلب المزاج، وذلك ليواجه صعوبات الحياة, ولتكون عنده الحيوية والطاقة والدافعية والنظرة الإيجابية من أجل المكابدة في الحياة, ومن أجل الاجتهاد, ومن أجل السعي نحو ما هو أفضل.

بالطبع إذا زادت درجة القلق عن الحد المطلوب فإنها قد تنعكس سلبًا على الإنسان, هنالك أناس لديهم درجة عالية من القلق بطبعهم، وهذا القلق يكون في وقت الراحة, وفي وقت الشعور بالجهد, وفي جميع الأحوال، هذا قلق مرتبط بالشخصية, وهذه نسميها بالشخصية القلقة، وهنالك أناس لديهم تقلب المزاج أيضًا بدون أي أسباب أو عوامل أو مؤثرات خارجية، وهذا يسمى بالشخص متقلب المزاج.

من أهم طرق العلاج هو أن يفهم الإنسان نفسه، حين أعرفُ أني قلق أو أني لديَّ القابلية للقلق وسرعة الانفعال، هذا في حد ذاته يساعدني جدًّا لأني سوف أتفهم ذاتي، وحين يتفهم الإنسان ذاته سوف يقبلها، وعلى ضوء ذلك يسعى لتطويرها, وتخليصها من شوائها, وبناء سمات وصفات جديدة تكون أكثر إيجابية.

إذن مجرد الوعي والإدراك بوجود العلة في علم السلوك يعتبر هو الأساس لتجنب هذا السلوك الخطأ, فأنت أيتها الفاضلة الكريمة مدركة لكل ما بك، وأنا أقول لك مرة أخرى إن هذه ليست أمراض إنما هي سمات.

أولاً: الإسلام يدعونا للإيجابية، ويدعونا لأن نكون عمليين، ويدعونا أن نكون متميزين، واليد العليا دائمًا هي خير عند الله من اليد السفلى، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف, من خلال هذا التوجه نستطيع أن نتخلص من شوائب الغضب والتوتر والعصبية.

ثانيًا: من مكارم الأخلاق أن نسعى دائمًا لأن نتحمل، لأن نصبر، لأن نقدم للآخرين, هذه قيمة علاجية عظيمة, وأن نكظم الغيظ: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس} حين نذكر أنفسنا بهذا نجد إن شاء الله تعالى أن درجة القلق والتوتر والانفعالات السلبية قد انتهت أو قلَّت على الأقل, التوتر والعصبية دائمًا تؤدي إلى الغضب, أو تكون هي ذاتها ناشئة من الغضب، والغضب له علامات ومؤشرات مبكرة، لأن الإنسان حين يحتاج إلى الهجوم أو الفرار، الهجوم حين يحس بوجود عدو أيًّا كان هذا العدو، والفرار إن أراد أن يهرب من موقف معين، هنا يفرز الجسم وبصورة تلقائية مادة (الأدرانين)، وهذه تهيئ الجسم لأن يتخذ الإجراء اللازم من أجل حماية الإنسان، وكذلك الغضب له مؤشرات أولية, فتفرز هذه المادة عند بداية الشعور بالانفعال والغضب، وهنا يجب أن نطبق ما ورد في السنة النبوية المطهرة، وهي:

1) أن نغير وضعنا, الإنسان إذا كان جالسًا يقف، وإذا كان واقفًا يجلس.

2) أن نغير مكاننا إلى مكان آخر، وهذا يعني تغيير البيئة، فإذا كنت وسط مجموعة وغضبت فاذهب عنهم.

3) أن يتفل الإنسان على شقه الأيسر، هذا نوع من التنفيس النفسي الكبير.

4) أن أكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم لأنه هو سبب الغضب، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.

5) أن أكثر من الاستغفار.

6) أن أتوضأ, وأن أصلي ركعتين.

هذا علاج عظيم، وأنا دائمًا أذكر قصتي مع أحد الأخوة الأفاضل الذي أتاني، وكان يعاني من انفعالات نفسية سلبية شديدة وسرعة الغضب فتحدثنا عن هذا العلاج النبوي، وبدأ يُطبقه، وأتاني في المرة التالية وقال لي: (بمجرد شعوري بالغضب أتذكر ما ورد في السنة المطهرة ودون أن أطبقه أجد أن الغضب قد أجهض) هذا شيء جميل.

والإسلام أيضًا يدعونا لأمور إيجابية مثل أن نمارس الرياضة، أن نمارس تمارين الاسترخاء، أن نعبر ما بذواتنا، وأن نتناول الدواء إذا كان لذلك حاجة، فأنت مثلاً يمكن أن تتناول العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول), ويعرف علميًا باسم (فلوبنتكسو), وهو عقار جميل جدًّا، تناوليه بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، تناوليها صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم اجعليها حبة واحدة في الصباح لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.

عليك بالدعاء، تلاوة القرآن، الصلاة على وقتها، صلة الأرحام, والتواصل الاجتماعي، ممارسة الرياضة كما ذكرنا، وممارسة تمارين الاسترخاء، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

وننصحك بمراجعة هذه الاستشارات التي تتحدث عن العلاج السلوكي للقلق(261371 - 264992 - 265121)وعلاج الغضب والعصبية سلوكيا (276143 - 268830 - 226699 - 268701) ففيها خير كثير.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً