الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يرفض هذا الزوج وأنا أريده، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والحمد لله رب العالمين
أما بعد:

أنا طالبة جامعية، وبعمر 22 سنة، تقدم لي رجل أكبر مني، عمره 32 سنة، هذا الرجل يعمل بوظيفة محترمة وميسور الحال، والصراحة يعجبني جداً، وأرى فيه كل معنى الرجولة، لكن للأسف أبي رفضه، بالرغم أنه تقدم لخطبتي ثلاث مرات، وهو مصمم على أن يتزوجني.

أنا أحترم فيه هذا الإصرار، وأبي رفضه للأسباب التالية من وجهة نظره وهي:

أنه أكبر مني، ومتزوج، ومن جنسية تختلف عن جنسيتي، مع العلم أنني موافقة وأقبل هذه الأشياء.

إضافة إلى ذلك أنني من دولة عربية وهو من دولة عربية أخرى، وكلانا نعيش في دولة خليجية.

لا أدري ماذا أفعل وكيف أقنع أبي؟

أنا أريد هذا الرجل وقلبي متعلق به ولن أقبل بغيره، وهو قادر على أن يحافظ علي ويرعاني كزوجة.

ماذا يفعل هو ليقنع أبي بأن يوافق عليه ويزوجني له؟

أفيدوني أفادكم الله وجعله في ميزان حسناتكم، وفرج الله همومكم وكرباتكم

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نون حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمنّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونًا لك على طاعته ورضاه، كما نسأله تبارك وتعالى أن يرزقك بر والديك ورضاهما، وأن يُكرمك بالإحسان إليهما، وأن يشرح صدر والدك للموافقة على الزوج المناسب لك.

بخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – فأعتقد أنه مما لا شك فيه أن الوالدين هما أحرص الناس على مصلحة أبنائهما، فأنا لا أعتقد أن هناك أحدًا في الكون كله يحرص على مصلحتك أكثر من أبيك وأمك، ولذلك هذا الموقف الذي بدر من والدك بخصوص هذا الأخ الفاضل الذي تقدم لك ثلاث مرات وأنت مقتنعة به، أرى أنه موقف غير طبيعي، لأن والدك يتعذر عليه حقيقة أن يرفض شخصًا مناسبًا أبدًا، لأن الوالد كما تعلمين ينظر لابنته على أنها قطعة منه تمشي على الأرض، وأنه يريد لها الخير، ولكن قد يكون هناك اختلاف في وجهات النظر، وهذا يحدث أحياناً كثيرة، لذا فإني أقول: من الضرورة فهم وجهة نظر الوالد، ومناقشته في ذلك، ومحاولة إقناعه بالمنطق وبالتي هي أحسن بالأمور الطيبة والعبارات الرائقة الهادئة، وأيضًا الاستماع إلى وجهة نظره ومناقشته

والدك وجهة نظره أن هذا أكبر منك وأنه متزوج وأنه من جنسية غير جنسيتك، وقطعًا هو يخاف عليك، لأنه لا يوجد أب كما ذكرت إلا ويتمنى خيرًا لابنته، بل إنه يتمنى لها الخير ولو على حساب نفسه، فموقف والدك الرافض لهذا الأخ قطعًا لابد له من مبررات جعلته ودفعته إلى أن يرفض هذا الأخ المناسب كما أرى أنا أيضًا، لكن أقول: ليس أمامنا إلا محاولة إقناع الوالد بطريقة الحوار الهادئ، وأيضًا الوالدة إذا كانت معك في الموضوع تحاولي أيضًا الاستعانة بها في إقناع الوالد كذلك، ولا مانع من هذا الأخ الفاضل - إذا كان والدك من أهل الصلاة ومن أهل المساجد - أن يتقدم إلى إمام المسجد وأن يطلب منه مثلاً مساعدته في إقناع الوالد، وأن يطلب منه أن يتكلم معه بصراحة ووضوح، لأني أرى أن فكرة رفض الوالد ليست حقيقة خطأ كما تظنين أنت، وإنما هي فكرة فيها كثير من الصواب، إذ أنه رجل متزوج، وقطعًا أهلك يريدون لك رجلاً غير متزوج حتى لا تقعي في مسألة التعدد وقد يظلمك وقد يضحي بك أنت من أجل زوجته الأولى، خاصة إذا كان لديه منها أبناء، فالزوجة الأولى قد ترفض التعدد، وقد تقيم الدنيا ولا تُقعدها، وقد يضطر أن يضحي بك أنت بعد أن تكوني قد فقدت عذريتك وأصبحت ثيبًا بعد أن كنت بكراً.
ا
هذه لعلها وجهة نظر الوالد أو أحد أسباب الرفض، وكذلك اختلاف الجنسية أيضًا قد يكون الوالد يرى بأن اختلاف الجنسية يسبب لك بعض المشاكل من حيث عدم الحصول على جنسية البلد التي أنت فيه، وكونك تعيشين غريبة طيلة عمرك، وكون أولادك قد يعاملون معاملة غير طبيعية على اعتبار أن أمهم أجنبية، هذا أيضًا أمر له وجهاته، وكذلك فكرة السن عشر سنوات بينك وبينه، وإن كنت أنا أرى أن هذا السن معقول يعني ليس سنًا كبيرًا للدرجة الذي يجعلنا ننزعج، خاصة وأنه ما زال في منتصف عمره، فالثانية والثلاثين هذه مازالت منتصف عمر الإنسان كما ورد في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين، وقليل منهم من يجاوز ذلك) فهذا سن مناسب، والعشر سنوات أنا أعتقد بأنه ليس فرقًا كبيرًا، ولكن لعل مسألة أنه متزوج وأنه من جنسية أخرى قد تكون هي الهاجس الذي يجعل والدك يرفض الارتباط بهذا الأخ رغم ما ذكرته أنت من صفات حسنة ومن قيم وأخلاق.

أنا أقول بارك الله فيك: رجاءً أيضًا طرق الباب مرة أخرى من جهتك، والاستعانة بالوالدة، أو الاستعانة مثلاً ببعض أقاربك إذا كان لك أعمام أو أخوال لهم صقل عند والدك، وأعتقد أنه لا بد أن يكون هناك أحد له منزلة ومكانة عنده، فمن الممكن الاستعانة به.

كذلك أيضًا كما ذكرت على الأخ الفاضل أن يستعين ببعض الصالحين من عباد الله تعالى من أهل المساجد أو الدعاة، وأن يحاول إقناع الوالد بقبوله زوجًا لك.

إذا قدر الله تبارك وتعالى وتم الأمر كما تريدون فهذا من فضل الله ورحمته، وإذا أصر الوالد على رفضه فلا أعتقد أن أمامك أي شيء إلا التوجه إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء، وتسليم الأمر لله لأنك تعلمين أنه أيما امرأة زوجت نفسها بغير إذن وليِّها فنكاحها باطل باطل باطل، كما ورد في السنة، وكذلك أيضًا قول السيدة عائشة أم المؤمنين – رضي الله تعالى عنها – : (لا تزوج نفسها إلا البغي) أو كما ورد عنها رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وأنا أربأ بك حقيقة أن تفكري بهذه الطريقة، لأنها طريقة لا تفعلها الصالحات ولا النساء العاديات اللواتي عشن في بيئات طبيعية يحرصن على احترام الأسرة والنسب والحسب وغير ذلك.

أنا أرى بارك الله فيك أن تسلكي هذا المسلك، وأن تضيفي إليه أيضًا الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يليّن قلب والدك الآن، كما أوصيك بكثرة الاستغفار، مع كثرة الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لأن هذه أمور مجربة في تفريج الكربات وقضاء الحاجات.

أسأل الله أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك لكل خير، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً