الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرجو أن تجدوا لي حلا لمشكلة عدم الثقة في النفس وعدم الجرأة

السؤال

أشعر دائما بعدم الثقة بالنفس في كل شيء، عند كلامي مع الأشخاص، وفي شكلي، ومن السهل جدا أن يغالطني أحد في شيء ما أو قول ما وأصدقه وأكذب نفسي بدون تفكير.

وأعتقد أن هذا قد يعود إلى طريقة تعامل عائلتي معي، فهم دائمو التوبيخ في كل شيء وطوال الوقت، ولا يقولون (شكرا أو جيد أو ذكر الصفات الحسنة التي بداخلي)، وإنما يقولون (خطأ، وغبية، ولماذا قلت هذا لهذا الشخص هذا هبل، وكل الصفات السيئة)، ودائمو الاستهزاء بي وبكلامي وأفكاري، أحسست فعلا أن كثيرا ما أقع فيه من الأخطاء فأقول كلمات لشخص ما وبعدها أفكر (ما هذا الذي قلته؟).

أفكاري دائما مشتتة، وكلامي غير مرتب، وكثيرا ما أتوه في الموضوع الذي أتحدث فيه، فلا أعرف أن أمسك نقطة معينة وأتكلم بها إلى آخرها، وإنما أحيانا أتكلم وأنسى ماذا كنت أريد أن أوصله, وأترك الموضوع الأساسي وأدخل في فرعي بدون وعي، وأنسى ماذا كنت أتحدث أولا.

ولكن أحيانا أخرى أتكلم بطريقة جيدة إلى حد ما، وكثيرا كنت أقول لنفسي: تكلمي ولا تخافي حتى لو أخطئت فسوف تتعلمين.

ولكنى وجدت أني كثيرة الأخطاء، وهذا يزعجني كثيرا, وأيضا الأشياء التي أخاف منها منذ الصغر، وهي أن أتحدث أمام مجموعة، فأخاف أن أقول شيئا خطأ ويستهزئون بي، وكثيرا ما أفكر بكلام الناس، بمعنى إذا قمت بعمل شيء ما خطأ أظل أفكر يا ترى ماذا قال الناس عني؟ وهذا الموضوع يشغل بالي كثيرا، ومن الممكن ألا أن يكون له أساس أصلا!

وأحيانا أركز جدا في الكلمات التي أقولها، وهذا ما يجعلني أخطئ أو لا أتكلم بالمرة أو أتحدث بما قل ودل, وهذا الموضوع سبب في خسارتي لأشياء كثيرة مثل: عدم نجاحي في تعلم الانجليزية، وممارسة مهنة التسويق، وأشياء أخرى كثيرة تحتاج إلى جرأة.

أرجو أن تجدوا لي حلا لمشكلة عدم الثقة بالنفس، والفكر المشتت لدي، والخوف من التحدث أمام الآخرين، والتوهان في الحديث، وكثرة التفكير بكلام الناس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأعتقد أن ما وصفته بعدم الثقة بالنفس هو ناتج من ضعف في تقدير الذات لديك، فواضح جدًّا أنك تركزين على الأمور السلبية، ولا تعطين الأمور الإيجابية في حياتك أي نوع من الاعتبار، وكل هذا نتج من حالة قلق نفسي تعانين منها.

أنت ذكرت أمورًا أساسية جدًّا جعلتك حساسة جدًّا حول كل شيء يقال لك أو تسمعينه، وأصبحت تسيئين التأويل في بعض الوقت، ويعرف أن الإنسان فكر ومشاعر وأفعال، وبناء على هذا الفكر السلبي القلقي الوسواسي الذي يسيطر عليك أصبحت كل تبريراتك وتفسيراتك للأمور بصورة سلبية.

إذن جوهر الأمر أيتها الفاضلة الكريمة هو حالة القلق الذي تعانين منه، والنسيان وسوء التركيز وضعف تقدير الأداء أمام الآخرين هذا كله ناتج من القلق النفسي، ورسالتك حوت على مؤشرات قوية جدًّا أن الوساوس أيضًا هي التي تحرك مشاعرك، فالمطلوب منك هو أن تثقي بنفسك، وهذا يتأتى من خلال الأفعال وليست المشاعر.

عليك أن تكوني منجزة، أن تديري وقتك بصورة صحيحة، أن تتواصلي مع أرحامك، أن تكوني مشاركة في أعمال وقرارات وكل ما يساعد الأسرة على الاستقرار.

حاولي أن تكوني مثقفة ومطلعة، ومواكبة للأحداث الحياتية. عليك أيضًا بالحرص على تعلم القرآن وعلومه، القرآن يرفع حقيقة من مقدرات الإنسان المعرفية وذلك بجانب ما يبعثه من طمأنينة. هذا أعتقد أنه هو المطلوب منك.

في ذات الوقت ممارسة التمارين الرياضية باستمرار سوف تفيدك، فابحثي عن أي نوع من التطبيقات الرياضية التي تناسب الفتاة المسلمة.

أنت ذكرت أنك بدون عمل، لكن الإنسان يمكن أن يعمل الكثير: الانخراط في الأنشطة الخيرية والثقافية، هذا يعتبر نوعًا من التأهيل الاجتماعي الممتاز جدًّا الذي يساعد كثيرًا.

الخطوة الأخيرة هي أن تضعي كل فكرة سلبية لديك وتتأملي فيها وتقومي في نفس الوقت بوضع فكرة إيجابية مضادة لها، وتكرري الفكرة الإيجابية عدة مرات. هذا النوع من الاستبدال للأفكار يؤدي إن شاء الله أيضًا إلى استبدال المشاعر، ويحسن من الأداء، والثقة في النفس.

كوني إيجابية حول المستقبل، انظري للمستقبل بنظرة تفاؤلية، عيشي حياتك بقوة. هذا كله يساعدك كثيرًا.

أخيرًا أرى أن الأدوية المضادة للقلق والتوترات والوساوس سوف تفيدك، والعقار الذي يعرف تجاريًا باسم (فافرين) والذي يعرف علميًا باسم (فلوفكسمين) سيكون اختيارًا مناسبًا جدًّا لعلاج ما تعانينه من قلق وتوتر ووساوس ومخاوف بسيطة.

جرعة الفافرين هي أن تبدئي بخمسين مليجرامًا، تناوليها ليلاً بعد تناول الطعام، وبعد مضي شهر على هذه الجرعة البسيطة ارفعيها إلى الجرعة المتوسطة، وهي مائة مليجرام ليلاً، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك تخفض إلى خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهر، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية البسيطة، من الأدوية المفيدة، وهو غير إدماني وغير تعودي، ويتميز بأنه لا يؤثر أبدًا على الهرمونات النسائية.

والدواء له فائدة كبيرة، وهو أنه يمهد للإنسان لأن يفكر إيجابيًا ويطبق التطبيقات السلوكية التي ذكرناها، فأرجو أن تأخذي العلاج كله في شكل رزمة واحدة، وسوف تجدين إن شاء الله أن تركزك قد تحسن، وزادت درجة الاستيعاب لديك، وأي مهنة تريدين أن تمارسيها، وكذلك تعلم اللغة الإنجليزية إن شاء الله هذا سوف يكون أسهل بكثير مما مضى.

والإنسان في جميع الأحوال مطالب بأن يكون مثابرًا ومجتهدًا ويسلح نفسه بسلاح الدين والعلم، هذا إن شاء الله تعالى يفتح لك آفاق المستقبل بصورة إيجابية جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ايمان

    بارك الله فيك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً