الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أشعر برضى الله عني لأنني ابتعدت عنه كثيراً، فكيف أعود؟

السؤال

السلام عليكم,,,

في الآونة الأخيرة مررت بضغوط كثيرة, أحبطت من عزيمتي؛ فأصبحت لا أبالي بأي أمر, وابتعدت عن الدعاء, وانعدم خشوعي في صلاتي, وأصبحت لا أفكر إلا في الدنيا, لست راضية عن نفسي أبدًا, أشعر بأنني دون قيمة في هذه الحياة, وأحيانًا أحس بأنني شريرة, ولست فتاة بارَّة, والأعظم أنني فقدت ثقتي بالله, فأرشدوني إلى الصواب -جزاكم الله خيرًا-.

مشكلتي تتمثل في انعدام ثقتي بنفسي, مع العلم أن والدي منفصلان, وأمي كانت قاسية في تربيتي, ولم تظهر لي حنانها يومًا, وأنا الآن ناضجة -والحمد لله- لكنني غالبًا ما أشعر بالذنب لأتفه الأسباب, وأكره نفسي, وأشعر بأنني مظلومة؛ لأنني لم أعش كباقي الفتيات؛ لأنني طالما تحملت المسؤولية منذ صغري, أعرف بأنه من العبث تعليق فشلنا على الماضي, لكنها أمور تؤثر في تكوين الشخصية, أشعر بأنني بلا جدوى, ولم أعد أعرف الطريق إلى التفكير السليم, وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

يمرّ كل إنسان منا بمراحل معينة من حياته، بحيث يشعر أحيانًا بالهمة والنشاط، بينما يمرّ في مرحلة أخرى بشيء من ضعف الهمّة، والشعور السلبي, والذي يجعل هذا الإنسان لا يرى أو يذكر إلا الجوانب السلبية من شخصيته, أو حياته, أو منجزاته.

من الواضح من خلال سؤالك أنك تمرّين بمثل هذه المرحلة من الشعور السلبي، وكما ذكرت في سؤالك أن هذا ربما يكون بسبب الضغوط الكثيرة التي أشرت إليها؛ فأصبحت لا تبالين بالأمور, وابتعدت عن الدعاء، وتشعرين بقلة الخشوع في الصلاة، حتى فكرت أنك أصبحت لا تفكرين إلا في الدنيا، وأنت غير راضية عن نفسك، وأنه لا قيمة لك في الحياة.

ما الذي تمرين به الآن إلا مرحلة من هذه المراحل، وستخرجين منها، وبالرغم من صعوبة تصديقك لهذا، وما عدم التصديق هذا أيضًا إلا جزء من هذه الصورة السلبية التي تعيشين فيها الآن، وثقي أن هناك نورًا في نهاية النفق.

هل وصل الحال الذي أنت فيه إلى شيء من الاكتئاب؟ ربما، ولكن لا أستطيع أن أجزم من خلال ما ورد في السؤال، وقد لا يكون قد حصل هذا, ولكن لابد أن يخطر في بالنا هذا الاحتمال، وللتأكد من هذا، وخاصة إذا طالت المعاناة, فلابد من مراجعة طبيب أو أخصائي نفسي، ولكن أقول: فقط إذا طال الأمر، وكانت هناك أعراض أخرى تقلق, كاضطراب العاطفية, والنوم, والشهية للطعام.

وإذا افترضنا أنك لم تدخلي حالة الاكتئاب هذه، فيمكن أن تفكري في بعض الأنشطة والأعمال التي تميلين إليها, والتي يمكن أن ترفع من معنوياتك ومشاعرك عن نفسك، كالمتابعة في إقامة الصلاة، بغضِّ النظر عن درجة الخشوع، وغيرها من العبادات، والرياضة وهي هامة، وغيرها من التواصل الاجتماعي مع الأسرة والأصدقاء, ويفيد هنا مراجعة تذكر الإنجازات التي قد قمت بها في الماضي؛ لأن صاحب النظرة السلبية قد لا يعود يرى أو يذكر إلا الجانب السلبي في تاريخ حياته.

عاهدي نفسك، ومن الآن، أن تبادري لمثل هذه الأنشطة وغيرها مما ترتاحين إليها، وستشعرين مباشرة بالآثار الإيجابية لمثل هذه الأنشطة البسيطة في حجمها، الكبيرة في آثارها.

ومن هنا تأتي القيمة العظيمة لمفهوم التوبة في الإسلام، حيث إن بابها مفتوح لكل إنسان، وفي كل حين، إلا عندما يحين موعد موت الإنسان، ومن هنا تأتي القيمة العظيمة لحرمة اليأس في الإسلام {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} فمهما قصّر الإنسان، فهناك رب غفور رحيم.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً