الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغير حالي واسودت الحياة بي بعد خطبتها، فكيف أعود لسابق عهدي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 26 عاما، قد قمت بخطبة فتاة منذ عدة أشهر، لم أجد نفسي أشعر بالراحة النفسية معها، ولم أجد منها ما كنت أتمناه! كنت عندما أنظر لها أشعر أنني قد ظلمت نفسي بخطبتها؛ ولعل السبب في خطبتها أنها قريبتي، ولعلي أظنكم تعلمون أننا نعيش في مجتمعات ترغب بشدة في زواج الأقارب، وبعد فترة من الخطبة لم أجد بيني وبينها تفاهما، وأقصد هنا أنني أحتاج لكي أعيد كلامي أكثر من مرة لكي تفهمني، وكنت عندما أذهب لها أشعر بأنني بحاجة إلى البكاء والقهر من داخلي؛ لأني خطبت فتاة دون المستوى المُرضي، وأنا لم أطلب فتاة هلامية من عالم آخر! ولكني أطلب فتاة فقط إذا نظرت لها سرتني.

بعد ستة أشهر من الخطبة، وكان ذلك بضغط من الأسرة لاستكمال الأمر شعرت بالانفجار، وفسخت الخطوبة، وبعد فسخها شعرت بالراحة النفسية التي كنت أنعم بها قبل خطبتها، والشعور بالأمل في الحياة، والتفاؤل الذي كان يملؤني قبل خطبتها، ولكني الآن أرى الناس تنظر لي على أني شاب خرجت عن طوع والدتي، التي كانت ترغب في هذه العروس وبشدة، ويعاملونني بنوع من الجفاء لم يكن مسبوقا.

أنا أعلم أنها لم تكن فتاة سيئة، ولكني أتمنى مثلي مثل أي رجل أن أنعم بحياة سعيدة، والآن تولد عندي شعور بالذنب مما حدث، وأشعر بأنني أريد البكاء والندم على خطبة هذه الفتاة من البداية، والله العظيم!

لقد كانت حياتي مليئة بالأحلام والطموح في مستقبلي، إلى أن دخلت هذه الفتاة حياتي فسرعان ما أربكت حياتي، وغيرتها للأسوأ، وأنا الآن أشعر بأني غير قادر على تحمل المسئولية، أو حتى على الأقل أخاف أن أخطب ثانية سواء حاليا أو بعد فترة من الزمن، فأشعر بأنني لن أختار فتاة تصلح لي، وكنت كل ما أتمناه أن أشعر بالراحة.

أمي لا تزال تدعو حتى الآن أن أعود لها؛ مما يشعرني بالخوف من العودة لها، ودائما ما يراودني هاجس يقول لي: سوف تعود لها! مما يزيدني خوفا وقلقا وحيرة.

أرجو من الله أن تتزوج رجلا أفضل مني لها، وإني أشعر بالظلم تجاه نفسي لو تزوجت هذه الفتاة، (والله لم أرَ مثلها قط في حياتي!) وإن أمي تقول لي: أني انحسدت، ولكني أشعر بالضيق تجاه الفتاة منذ البداية، كانت مثل الكابوس الذي يراودني.

أسأل نفسي دائما أن يعطي لعباده زوجات يكونوا لهم مودة ورحمة، والله كنت أخشى لو تزوجتها أن أعاملها معاملة لا تليق بها، وتعيش حياة تندم على دخولها منذ البداية، أو أعاملها بغلظة؛ لأنني لم أرغب بها منذ البداية، وكنت لا أتخيل حياتي معها، وإني أبحث عن السعادة في حياتي، وأن أسعى لكي أعيش حياة زوجية سعيدة؛ لأني أعلم أن هناك الكثير من المشاكل بعد الزواج وفي الخطبة.

الآن أتمنى منكم أن تساعدوني على أن أستعيد طبيعة حياتي التي كنت أعيشها، وكنت مستمتعا بها، فأنا أغضب دائما عندما أتذكر أنني كنت خاطبا تلك الفتاة، والله كنت أريد الزواج من فتاة أرتضيها وترضيني.

علما بأني ميسور الحال، لدي الشقة والأموال اللازمة للزواج، والعمل الذي أجني منه الأموال اللازمة للحياة.

وأسئلتي هي:

1- كم يحتاج الرجل لكي يفصل بين خطبتين؟

2- كيف يمكنني أن أختار زوجتي في المرة القادمة بعد التدين والأصل والجمال؟ وما هي مقاييس التدين لدى الفتاة؟

3- إذا كان هناك أدعية يمكن أن أدعو بها حتى يذهب الله عني الهم والغم والحزن وشماته الناس.

4- قول الله تعالى: ((والطيبون للطيبات))، هل هذا يعنى إذا كان هناك رجل متوسط التدين سيتزوج فتاة متوسطة التدين؟ وما هو المقياس أو المعيار في قول المولى -عز وجل-؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك أيها الولد الحبيب في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به.

نحن نتفهم أيها الحبيب المشاعر التي تجدها أو كنت تجدها عند خطبتك من لا ترغب في نكاحها، وهذه المشاعر راعاها الشرع الحنيف، ومن ثم أفتى العلماء بأنه لا يجب على الابن طاعة الوالدين في تزوج من لا يرغب في الزواج بها، وليس لهم إكراهه على ذلك، كما ليس لهم أن يُكرهوه على أكل ما يعافه أو ما لا يرغب في أكله، كما قال بهذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من أهل العلم.

ومن ثم فأنت لم تفعل إثمًا في فسخ الخطبة من هذه الشابة بالسبب المذكور، وربما كان الفراق لها في هذا الحال قبل الدخول في عقد النكاح وما يتبعه من التزامات، ربما كان الفراق في هذه المرحلة خير لك ولها من الفراق بعد ذلك.

فنحن نوصيك أولاً بأن تهون الأمر على نفسك، وتعلم بأنك لم تفعل محظورًا شرعيًا، ولكن مع هذا نحن نوصيك بالاهتمام والعناية بحق الوالدين، وأن تحرص كل الحرص على استرضاء والدتك، وامتثال ما تطلب منك فيما ليس عليك ضرر به، وأن تبين لها عدم رغبتك في هذه الفتاة، وأن ذاك هو الباعث لك على فسخ الخطبة، وهي ستتفهم ذلك - إن شاء الله – ولا تحزن ولا تأس إذا ما سمعت والدتك تدعو لك بأن تتزوج هذه الفتاة، فإن الله عز وجل سيقدر لك بإذنه تعالى الخير حيث كان، فأحسن ظنك بالله وأكثر من دعائه أن يرزقك الزوجة الصالحة.

وليس ثم زمن محدود يفصل بين خطبتك الأولى والخطبة الثانية، فمتى شئت أن تخطب المرأة المناسبة لك فلك أن تتقدم لخطبتها. وخير ما تعتني به من الأوصاف فيما تختارها زوجة أن تهتم بتدين الفتاة، والتدين المقصود به صلاح المرأة، بمعنى أنها تؤدي الفرائض التي فرض الله عز وجل عليها من صلاة وصوم وحجاب، وكل ما كانت أوفر دينًا كانت أتم وأكمل.

ولا حرج عليك أبدًا في أن تبحث عن الصفات الأخرى التي يُرغب في تزوج المرأة من أجلها كالجمال، لكن لا ننصحك بالمبالغة في اشتراط الجمال الفائق في المرأة التي تبحث عنها، فإن هذا أولاً مع ندرة اجتماعه مع الدين هو كذلك سبب قد يُطغي المرأة وقد يوقعها في الهلاك والعطب، ولهذا أوصى العلماء بأن الزوج لا ينبغي له أن يبحث عن زوجة فائقة الجمال، لكن لا حرج عليك أبدًا في أن تبحث عن الجمال الذي يدعوك إلى السكون إلى المرأة وحبها وإعفاف نفسك وعينك بها.

أما عن الأدعية فإنه ينبغي لك أن تدعو الله تعالى بكل خير ترغب فيه من خير الدنيا والآخرة، وتداوم على ذلك، لاسيما في الساعات التي تُرجى أو يشتد فيها رجاء الإجابة، كالدعاء حال السجود، والدعاء أدبار الصلوات، والدعاء بين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، ونحو ذلك من الأوقات التي يعظم فيها رجاء الإجابة.
ولا حرج عليك في أن تدعو بما شئت من خير الدنيا والآخرة كما قلنا.

أما عن ذهاب الهم والحزن؛ فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم – الدعاء المشهور: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال).

وأما الآية التي سألت عنها؛ فإن الله تعالى أخبر فيها أنه بحكمته جعل مشاكلة ومشابهة بين الطيبين من الرجال والطيبات من النساء، فيسوق هؤلاء لهؤلاء، كما أنه يسوق الخبيثات للخبيثين، والطيبون هنا مناسبون للطيبات بجميع أصنافها، أي الطيبات من الكلمات، والطيبات من الأعمال، والطيبات من النساء، كما قال المفسرون، فالطيبون يوفقون للاقتران بالطيبات من أقوالهم وأفعالهم وأزواجهم، ونحن نرجو الله تعالى أن يجعلك من الطيبين، وأن ييسر لك الخير حيث كان ويرضيك به.
---------------
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الروابط التالية حول كيفية اختيار الزوجة الصالحة: (242628 - 231066 - 227234)، وأدعية الهم والحزن: (237889).

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً