الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندي طاقة ورغبة في العبادة فكيف أنظمها؟

السؤال

لدي قوة كبيرة ورغبة في التعبد، أصلي وأصوم كل اثنين وخميس, وأصوم الأيام البيض, وأعمل الكثير من الأعمال الخيرية، لكني أشعر أني أريد المزيد من العبادات، أريد الصلاة كثيرا في جوف الليل، والسجود كثيرا وحفظ القران، وخاصة أني جديدة العهد في التوبة، فأرغب بالاستغفار كثيرا.

ولطمعي أرغب بدخول الجنة بدون حساب ولا عقاب, لكن مشكلتي هي جسدي، أشعر بالكسل والنعاس، فتضيع مني صلاة قيام الليل، ويضيع مني حفظ القران, النعاس في رأسي شديد، والكسل يأكلني, وأنا أرغب بأن أستغل كل ثانية في رضى ربي ودعوة الناس للصلاح.

كيف لي أن أعيد النشاط لجسدي ولعقلي؟ قلبي والحمد لله نظيف ينبض بالتوحيد, لكن أريد علاجا للنعاس الثقيل والكسل, فأريد من جسمي وعقلي أن يستجيب لأي نوع من أنواع العبادة, حتى يأمر الله بقبض الروح, فحينها فقط له أن يرتاح جسدي.

أيضا ما هي أهم النقاط لكي أفوز بالفردوس الأعلى بدون حساب ولا عقاب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عابدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك أختنا الفاضلة في موقعك إسلام ويب, وإنه ليسرنا تواصلك معنا, ونسأل الله أن يبارك فيك, وأن يحفظك, وأن يرزقك الفردوس الأعلى إن شاء الله.

وبخصوص ما سألت عنه أيتها الفاضلة فاسمحي لنا أن نجيبك في نقاط:

1- إن غايتك النبيلة وحرصك الشديد على التعبد أمر جيد, ونسأل الله لك المزيد، وأنت إن شاء الله مأجورة على رغبتك الصادقة ونيتك الصالحة وإن لم تفعلي كل ما تودين، فإنك إن شاء الله مأجورة بالنية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال: (إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة, وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة) رواه البخاري ومسلم. وهذا يزيدك حماسا على طاعة الله عز وجل.

2- العبادة ليست مقصورة في الصلاة والقيام -على فضل الصلاة وعظمها-، ولكن العبادة متنوعة ومن أعظمها الذكر، فعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله : { ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم } قالوا: بلى يا رسول الله. قال: { ذكر الله عز وجل } والحديث رواه أحمد، وهو يفيد فضلا عظيما للذكر.

فليس كل الناس تطيق الجهاد ولا النفقة لكن كل الناس يقدرون على الذكر، وقد مثل النبي صلى الله عليه وسلم الذي يذكر الله بالحي ففي صحيح البخاري عن أبي موسى، عن النبي قال: { مثل الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت }. والله مع الذاكرين ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة }. و قد قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا" [الأحزاب:41].

وفائدة الذكر أنه يجلو القلوب من الران، يقول أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: لكل شيء جلاء، وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل. ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما، وجلاؤه بالذكر، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء. فإذا ترك الذكر صدئ، فإذا ذكره جلاه.

وصدأ القلب يكون بأمرين: بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر.

3- إنك تستطيعين أن تجعلي حياتك كلها عبادة, فالنية الصالحة تجعل على الطعام الحلال أجرا، وعلى زياراتك العائلية أجرا، وعلى نومك الذي تستعيني به على طاعة الله أجرا، تستطعين أن تجعلي من كل حركة أو سكنة عبادة إذا أدخلت النية فيها، وهي عبادة ليست ذات مشقة.

4- على أن هناك أمرا حرصنا أن يكون في الختام، وهو : التعجل، فطريقة سردك للسؤال يشير إلى حرص زائد على الحد، وإنا نخشى أن يكون هذا استدراج يعقبه الوهن، فاحرصي على العمل الدائم ولو كان قليلا, فقليل دائم خير من كثير منقطع، وقد نبه النبي على عدم المغالاة في العبادة التي يخشى من ورائها انتكاسة, فعن‏ ‏عائشة ‏أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ‏دخل عليها وعندها ‏‏امرأة,‏ ‏قال من هذه؟ قالت فلانة تذكر من صلاتها, قال: ‏مه ‏عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا, وكان أحب الدين إليه ماداوم عليه صاحبه "

نسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك ونحن سعداء بتواصلك معنا‏.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر حورعين

    بارك الله فيكم

  • مصر سارة ابو باشا

    اعجبني جدا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً