الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستعيد زوجي؟

السؤال

زوجي قام بضربي أكثر من مرة, ولم أشتكِ لأهلي, ولا لأهله, حتى جاءت مرة وتمادى في ضربه لي, فقررت أن أشكوه لأمه, وتفادى الموقف, وأقسم ألا يعيدها, وعندما حدث موقف تافه -أقسم باللهِ- تافه, قام بضربي وشتمي فتصديت له, وتحدثت لأمه وأتت, وبعدها غضب, وقال: إنه لن يردني, وأشعر أن الخيط الرفيع بيننا قد انقطع, ماذا أفعل؟ أريد أن أستعيده لأن بيني وبينه أطفالاً, ولأني أحبه, لكني لا أطيق إهانته لي, واعتباري شيئًا يملكه, ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فمرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب, نسأل الله تعالى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، ولا شك أن هذا الزوج مسيء إن كان يضربك لغير مبرر يبيح له الضرب، أو كان يتعدى في هذا الضرب القدر المرخص به شرعًا، وعلى كل حال فإن الضرب ليس هو الأسلوب الأمثل الذي تعالج به المشكلات بين الزوج وزوجته، وإنما أرشد إليه القرآن عند الاحتياج إليه مع مظنة أنه الوسيلة للإصلاح.

ولكن في المقابل -أيتها الأخت- ينبغي أن تحاسبي نفسك أنت بإنصاف, محاولة التعرف على مواطن النقص فيك, والتي تدعو الزوج إلى الغضب أو الاعتداء عليك بالضرب أو الشتم، فتتجنبين ذلك بقدر الاستطاعة، فإن معرفة أسباب المشكلة من أعظم أسباب العلاج.

وإن كنت تقصدين بما قلت أنه لا يريدك لأنه قد طلقك، وكنت لا تزالين في العدة فبإمكانك أن توسطي بينك وبينه من أهل الخير الذين يعرفون بحب الإصلاح بين الناس ومحاولة التقريب بين قلوب الخلق، فتحاولين الاستعانة بمن له تأثير عليه من أقاربك وأقاربه، فإن الصلح بين الزوجين خير من الفراق بلا شك كما أرشد الله تعالى إلى ذلك في كتابه الكريم، بقوله: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا فلا جناح عليهما أن يُصلحا بينهما صُلحًا والصلح خير}.

ولا حرج عليك في أن تصارحي هذا الزوج في رغبتك في الحفاظ على الأسرة ورغبتك فيه، فإن هذا قد يدعوه أيضًا للتراجع عن موقفه، فإن حصل هذا فنوصيك بالصبر على الزوج، فإن الإنسان قد يُصاب ببعض المصائب في حياته، ومصائب الناس أنواع وأنصاف، فمنهم من يُبتلى في دينه، ومنهم من يُبتلى في بدنه، ومنهم من يُبتلى في ماله، أو ولده، وأنت إذا قُدِّر عليك أن يكون خلق هذا الزوج على هذا النحو, وعسر عليك تعديله، فالصبر على هذا الخلق عواقبه حميدة, وإن كان شاقًا على النفس، والأمر كما قال الشاعر:
(والصبر مثل اسمه مرٌ مذاقته *** لكن عواقبه أحلى من العسل).

وأنت مأجورة على صبرك على إساءته، ولن يضيع الله سبحانه وتعالى تحمّلك لشيء من الأذى والضرر في سبيل أن تحافظي على أسرتك, وتحفظي أبناءك من الضياع والشتات، وتعفّي نفسك، وغير ذلك من المقاصد الحسنة العظيمة التي تستحق منك أن تضحي, وأن تبذلي في سبيل الحفاظ عليها وتحقيقها، والله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

أما إذا كان الزوج قد طلقك, وأصر على هذا الطلاق, ولم يتراجع بعد محاولات الإصلاح والسعي إلى رأب الصدع، فكوني على ثقة تامة بأن ما يقدره الله تعالى لك خير مما تختارينه لنفسك، وأنت لم تفعلي شيئًا تندمين عليه، فإن غاية ما فعلتِ أن طلبت من أمه أن تنصحه ليرد ظلمه عنك، وهذا ليس فيه إساءة إليه، ومن ثم فإن ما ترتب على ذلك لا تؤمّلي منه إلا خيرًا، وإن كان في ظاهره مكروهًا لك، فإن الله سبحانه وتعالى قال: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

نحن نكرر -أيتها الأخت الكريمة- أن السعي في محاولة الإصلاح هو الطريق الذي ينبغي أن يُسلك الآن، فتحاولين الاستعانة بكل من لهم تأثير على هذا الرجل، ولديهم الرغبة في الإصلاح بينك وبينه والحفاظ على أسرتك، فإن كان الله عز وجل قد قدر لك البقاء والاستمرار معه فإنه سييسر تلك الأسباب، وذلك خير، وإن لم يكن الله عز وجل قدر ذلك فارضي بما قدره الله عز وجل لك، واعلمي أنه خير لك, وأن الله أرحم بك من نفسك، وأعلم بمصالحك، فإنه يعلم الغيب وأنت لا تعلمين.

نسأل الله بأسمائه الحسنى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • من

    الله يصلح زوجك ويجمعكم عل

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً