الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رد الخاطب الذي يطلب نزع النقاب... هل هو عمل صائب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رقم استشارتي السابقة هو (2139896).

بداية: أشكركم جزيل الشكر على ما قدمتم لي ولأبناء المسلمين من توجيهات مباركة, وأسأل الله أن يثقل بها ميزان حسناتكم.

أما عن جوابي عن الأسئلة المتعلقة بذات الموضوع الذي قدمت استشارتي فيه فهي أن الخاطب هو من اقترح عليّ ترك النقاب؛ لأنه كما قال: لن يحتمل أن يسخر مني أو من لباسي أحد, كما وضح لي أنه ليس هناك من تلبس النقاب في البلد المقيم به أو على الأقل لم يصادف أن رأى منتقبة في الشارع.

بالنسبة لأهلي: فقد أيدوه؛ لأن النقاب في نظرهم ليس واجبًا, والشاب هو من عائلتي كما أشرت, وقد يكون هذا سببًا ثانيًا لترشيحه زوجًا لي, فهو بالنسبة لهم خير من آخر لا يعرفونه, رغم أنه على قدر بسيط من التدين, فهو يصلي لكن بغير انتظام, أي بعد رجوعه ليلاً من العمل.

بعد هذا كله قررت بعد صلاة الاستخارة أن أقنع أهلي بعدم ترك لباس العفاف, وقد وفقت بفضل ربي واعتذرنا من عائلة الخاطب الذي أتمنى له زوجة تقر بها عينه, وتقر به عينها, وأرجو منكم الدعاء لي بالثبات, ولسائر المسلمين على الصراط المستقيم.

جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فالحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته, ومن والاه.
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك, ونفتخر بك أيضًا، ونسأل الله لك السداد والثبات، وأن يلهمك الرشاد, هو ولي ذلك والقادر عليه.

ومن ترك شيئًا لله - يا ابنتي - عوضه الله تبارك وتعالى خيرًا، نسأل الله تعالى أن يعينك على الدعوة, وعلى العفاف والستر والحجاب والنقاب, وكل ما يرضي ربنا الوهاب سبحانه وتعالى، ونشكر لك أيضًا هذا الحرص على محاورة الأهل وإقناعهم, وهكذا يفعل الثبات بأهله، فإن الناس يقتنعون في النهاية إذا وجدوا من الفتاة إصرارًا على حشمتها وعلى عفافها، وغدًا سوف تصبح معك منقبات ومحجبات وحريصات على الستر والعفاف؛ لأن الإنسان إذا ثبت على المبدأ فإن الله تعالى يهيئ القرين أن يكون إلى جواره، وهذا سبيل إلى إقناع كل مترددة في أنه من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا، وأن الله تعالى يدافع عن الذين آمنوا, ولعل الخير في هذا الأمر، فإذا كان هذا الشاب بهذا الضعف, وهو أيضًا يؤخر الصلوات ويجمعها, وهو أيضًا لا يستطيع أن يرى الذين يسخرون من الحجاب, ولا يستطيع أن يحمي زوجه أو يتأثر بذلك ويضعف, فإننا نشكر لك هذا الحرص وهذا الثبات وهذا الإصرار.

ونسأل الله تعالى أن يهيئ لك ما هو أفضل وما هو أكرم، ومن يعينك على الخير، ونشكرك لك أيضًا مشاعرك النبيلة تجاه ذلك, بأنك دعوتِ الله تعالى له أن يرزقه زوجة تقر بها عينه, ويقر به عينها، ونسأل الله أن يعينه على بناء بيت يرضي الله تبارك وتعالى, وأن يعينه ذلك على المواظبة على الصلاة، (فإن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا), ولا يمكن أن تؤدي الصلوات بهذه الطريقة بأن يؤخر الصلوات ثم يجمعها فيصليها ليلاً، وأرجو أن تحافظوا على العلاقة مع الذين تربطهم بهم صلة الرحم, فإن هذا الموقف الذي حدث ليس نهاية المطاف بل هو أمر شرعي, والإنسان ما ينبغي أن يجامل في أمر الزواج, وما ينبغي أن يجامل في أمر الدين، وهذا الذي حصل منك فنحن نشكر لك هذا الثبات.

ونتمنى من الله تعالى أن يؤيدك بالخير, وأن يعينك على كل أمر يرضيه, وغدًا سيطرق الباب من يأتي يطلب هذا الستر ويطلب هذا العفاف, ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأسعدني كذلك أنك صليتِ الاستخارة, ولن تندم من تستخير ربها تعالى؛ فإن الاستخارة هي طلب الدلالة للخير ممن بيده الخير، ولأهمية الاستخارة كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن، فأنت قد فعلت ما عليك، بأن شاورت واخترت واستخرت وصليتِ صلاة الاستخارة, وشاورت أهلك, وشاورت موقعك, فلن تندمي على هذا القرار, الذي نسأل الله تعالى أن يجعل عاقبته الخير, وأن يجعل فيه الخير.

ونوصيك: بتقوى الله تعالى, وبمزيد من الثبات على الستر، ونوصيك بدعوة الأخريات إلى هذا الستر وإلى هذا الحجاب، ونوصيك بأن تكوني أفضل نموذج في البيت, فإن بعض الناس يخاف من المنقبة بأن تقسوا عليهم, ولكننا نريد أن نقول: إن هذا النقاب يكمل ما عند المسلمة من صفاء سريرة, ومن جمال ألفاظ, ومن حسن تعامل, وبر بوالديها, وإذا كانت الفتاة قبل النقاب بارة بوالديها فينبغي أن تزيد من بره وإحسانه بعد النقاب وبعد ستره؛ لأنها أصبحت رمزًا للالتزام ورمزًا للدين، فنحن نريد الناس أن يحبوا المتدينة, وأن يحبوا هذا الدين الذي شرفنا الله تعالى به، فكوني مصدر رحمة لأهلك, ومصدر دعاء ودعوة لهم، ونسأل الله تعالى أن يهديك وأن يهدينا, وأن ييسر الهدى لنا, وأن يجعلنا سببًا لمن اهتدى, هو ولي ذلك والقادر عليه.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً