الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي يرفض تزويجي لصغر سني..هل يجب إقناع أبي بالأمر أم هو محق؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتـه.

أنا فتاة أبلغ من العمر 17 سنة، تقدم لـخطبتـي شاب ظاهريـا نحسبه على خيـر والله حسيبه، استخرت مباشرة، تحدثت أم الشاب مع أمـي، وأخبرتها بأنـي صغيرة، وأخبرتها أيـضا بأن والدي يرفض التحدث فـي هذا الموضوع نهائيـا, ويرفض تزويجي الآن بحجة الصغر، وإكمال الدراسـة.

فقالت: أما الصغر فلا نقصد الزواج الآن، بل سننتظر، ولنفوض أمرنا لله، فإن كانت من نصيبه فهي كذلك، وإلا فعوضنا الله وإياكم خيـرا.

فالآن أنا أتساءل: هل أخبرها برد أبـي ورفضه تزويجي الآن؟ أم أصبر لأنها لم تتصل ويبدو أنها قررت أن تصبر؟

نسبة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، هل نأثم كوننا رفضناه؛ لأنه ذو خلق ودين؟ وهل يجب علي إقناع أبي بالأمر أم هو محق؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله خديجــة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابنتنا الفضلة في موقعك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به، ونسأله تبارك وتعالى أن يهدي هذا الوالد إلى الحق والصواب، ونريد أن نبيّن لك أن وجود الشاب الصالح فرصة نادرة، إذا كان الأمر كما وصفتِ، وكما ذُكر من أنه ذو خلق ودين، والحياة فرص، وأنت في هذا العمر لست صغيرة – ما شاء الله – والدليل على ذلك هذه الرسالة الناضجة التي بعثت بها، لأن العبرة في هذا الأمر بنضوج الفتاة، أما البلوغ فقد تجاوزته بسنوات، ولكن هذه الرسالة تدل على أنك عاقلة، وعلى أنك ناضجة.

فإذا كنت تميلين إلى هذا الشاب ووجدت في نفسك توافقا معه، وميل إليه وقبول به، فعليك أن تحرصي على إقناع الوالد، وتوضيح الأمر له، ونتمنى أن يكون ذلك عن طريق الوالدة، أو العمة أو الخالة، إذا كنت تخافين من ردة فعل الوالد، لأن هذه الأشياء فرص.

وكم تمنينا أنهم لم يستعجلوا في هذا الرد، يطلبوا فرصة، ثم يفكروا في الأمر بطريقة شاملة، لأن هذا الأمر يحتاج فعلاً إلى أن يعرف فيه أولاً إلى رأي الفتاة، ولابد أن ننظر إلى الفرص المتاحة، ولابد أن ننظر في هذا الشاب، وفي دينه، وخلقه، وعلاقته وأسرته، وتحمله المسؤولية، إلى غير ذلك من المعاني الكبيرة.

أما مجرد الرفض دون تفكير، وبهذه السرعة فنحن لا نشجع مثل هذا الأمر، لأن رد الفتاة لأي خاطب هو رد لكثير من الشباب الآخرين الذين سيترددون كثيرًا قبل أن يفكروا في طرق الباب، لأن أي إنسان لا يرضى الحرج لنفسه، ولا يريد أن يُدخل نفسه في هذا الأمر.

وأما بالنسبة للمرأة فليس من الحكمة أن تُخبريها برفض الوالد، ولكن عليكم إذا كنت تشعرين بالتوافق مع هذا الشخص، وأنه الشخص المناسب بالنسبة لك، فعليك أن تسعي في إرضاء الوالد، وفي مناقشته في هذا الموضوع، وأنت أعلم بوالدك وصفاته، إذا كان من النوع الذي يمكن أن يقبل منك الحديث، فلا مانع من أن تكلميه، لكن نحن نتمنى أن يكون هناك طرف ثالث عاقل مؤثر كالعم، أو الخال، أو العمة، أو أحد الأقارب المؤثرين يناقش الأسرة، ولا مانع من أن تبدأ الخالة مع الأم، ثم بعد ذلك تكونوا قناعة، ترفع الأم هذه القناعة للأب، يتدخل العم العاقل في النصح للوالد، ومناقشته في هذا الأمر.

هذا كما قلنا بشرط أن تكوني أنت قد وجدتِ نفسك، وتلاحظي أنه بينكما توافق، ويمكن أن تسعدي معه، لأن هذا هو الأساس، فالشريعة تعتبر أولاً وأخيرًا برأي الشاب ورأي الفتاة، ودور الأهل ودور الأسرة ما هو إلا من الأمور المرحجة، لكن الأصل هو رأي الفتى والفتاة، فإن كان صاحب دين، وخلق فليس لأحد أن يقف في طريق الفتاة، خاصة إذا كانت الفتاة راغبة في الارتباط به، وينبغي للأسرة أن تتيح لك الفرصة لتعبري عن رأيك.

فإذن الأمر يحتاج إلى مناقشة، لا تستعجلوا بالرد، حاولوا إقناع الوالد، بعد أن تراجعي الأمر في نفسك، ولا مانع من أن تستخيري في هذه القضية، فإن المؤمن إذا تحيّر في أمر صلّى صلاة الاستخارة، والاستخارة هي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير سبحانه وتعالى.

ولا ننصح بترك الأمر معلقا بهذه الطريقة، لأن هذا التعليق يدل على إهمال منكم لتلك الأسرة التي تقدمت وطلبتْ، فلابد من تحريك الموضوع، وليس من الضروري كما قالوا أن يكون الزواج مباشرة، مع أننا لا ننصح بإطالة فترة الخطبة، فلا ينبغي أن تكون طويلة، لأنه ليس في ذلك مصلحة، لأن الهدف من الخطبة هو أن يتأكدوا من صلاح الخاطب ومن صلاح المخطوبة، بالتعرف على أسرته، ويتعرفون عليكم، ويحصل بذلك التعارف الذي سيعقبه - بإذن الله تعالى – التآلف، ينبغي أن نكمل المشوار، (فلم يُرَ للمتحابين مثل النكاح)، وخير البر عاجله.

فإذن حاولوا إقناع الوالد بهذا الأمر إذا كنت أنت مقتنعة، وتجدين في نفسك ميلاً لهذا الشاب، ونحن حقيقة نؤيد الاستمرار في هذه العلاقة لإكمالها على كتاب الله، وعلى سنة النبي - عليه صلوات الله وسلامه – لأنه الإنسان الصالح – الشاب الصالح – عملة نادرة في هذا الزمان، وفرص الزواج أصلاً ليست كثيرة، فلا تضيعي هذه الفرصة.

نسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً